ثلاثا إلا أوجعه ضربا. وأجاز ذلك عليه «١». وعن سعيد بن المسيب وجماعة من التابعين :
أنّ من خالف السنة في الطلاق فأوقعه في حيض أو ثلث لم يقع، وشبهوه بمن وكل غيره بطلاق السنة فخالف. فإن قلت : كيف تطلق للسنة التي لا تحيض لصغر أو كبر أو حمل وغير المدخول بها؟ قلت : الصغيرة والآيسة والحامل كلهن عند أبى حنيفة وأبى يوسف يفرق عليهن الثلاث في الأشهر، وخالفهما محمد وزفر في الحامل فقالا : لا تطلق للسنة إلا واحدة. وأما غير المدخول بها فلا تطلق للسنة إلا واحدة، ولا يراعى الوقت. فإن قلت : هل يكره أن تطلق المدخول بها واحدة بائنة؟ قلت : اختلفت الرواية فيه عن أصحابنا. والظاهر الكراهة. فإن قلت : قوله إذا طلقتم النساء عام يتناول المدخول بهن وغير المدخول بهن من ذوات الأقراء والآيسات والصغائر والحوامل، فكيف صحّ تخصيصه بذوات الأقراء المدخول بهن؟ قلت : لا عموم ثم ولا خصوص، ولكن النساء اسم جنس للإناث من الإنس، وهذه الجنسية معنى قائم في كلهن وفي بعضهن، فجاز أن يراد بالنساء هذا وذاك، فلما قيل فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ علم أنه أطلق على بعضهنّ وهنّ المدخول بهن من المعتدات بالحيض وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ واضبطوها بالحفظ وأكملوها ثلاثة أقراء مستقبلات كوامل لا نقصان فيهن «٢» لا تُخْرِجُوهُنَّ حتى تنقضي عدتهنّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ من مساكنهنّ التي يسكنها قبل العدة، وهي بيوت الأزواج، وأضيفت إليهنّ لاختصاصها بهنّ من حيث السكنى. فإن قلت : ما معنى الجمع بين إخراجهم أو خروجهن «٣»؟ قلت : معنى الإخراج «٤» : أن لا يخرجهن البعولة غضبا عليهن وكراهة لمساكنتهن، أو لحاجة لهم إلى المساكن، وأن لا يأذنوا لهنّ في الخروج إذا طلبن ذلك، إيذانا بأنّ إذنهم لا أثر له في رفع الحظر، ولا يخرجن بأنفسهن إن أردن ذلك إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قرئ بفتح الياء وكسرها.
قيل : هي الزنا، يعنى إلا أن يزنين فيخرجن لإقامة الحد عليهن وقيل : إلا أن يطلقن على النشوز، والنشوز يسقط حقهنّ في السكنى. وقيل : إلا أن يبذون «٥»

__
(١). أخرجه ابن أبى شيبة وعبد الرزاق من رواية شقيق بن عبد اللّه عن أنس قال : كان عمر رضى اللّه عنه إذا أتى برجل طلق امرأته ثلاثا في مجلس أوجعه ضربا. وفرق بينهما».
(٢). قال محمود :«معناه أكملوا العدة أقراء ثلاثة مستوفاة» قال أحمد : وقوله وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ توطئة لقوله لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ حتى كأنه نهى عن الإخراج مرتين : مندرجا في العموم، ومفرد بالخصوص. وقد تقدمت أمثاله.
(٣). قوله «بين إخراجهم أو خروجهن» لعله : وخروجهن. (ع)
(٤). قوله «قلت : معنى الإخراج» الأولى : معنى الجمع بينهما، وإلا فالأولى فيما يأتى، ومعنى الخروج : أن لا يخرجن بأنفسهن. (ع)
(٥). قوله «و قيل إلا أن يبذون» في الصحاح : البذاءة - بالمد : الفحش، تقول : بذوت على القوم وأبذيت، وقد بذو الرجل. (ع)


الصفحة التالية
Icon