فيحل إخراجهنّ لبذائهنّ، وتؤكده قراءة أبىّ : إلا أن يفحشن عليكم. وقيل : خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة في نفسه. الأمر الذي يحدثه اللّه : أن يقلب قلبه من بغضها إلى محبتها، ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها. ومن عزيمة الطلاق إلى الندم عليه فيراجعها. والمعنى : فطلقوهنّ لعدتهن وأحصوا العدة، لعلكم ترغبون وتندمون فتراجعون فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ وهو آخر العدة وشارفنه، فأنتم بالخيار : إن شئتم فالرجعة والإمساك بالمعروف والإحسان، وإن شئتم فترك الرجعة والمفارقة واتقاء الضرار وهو أن يراجعها في آخر عدتها ثم يطلقها تطويلا للعدة عليها وتعذيبا لها وَأَشْهِدُوا يعنى عند الرجعة والفرقة جميعا. وهذا الإشهاد مندوب إليه عند أبى حنيفة كقوله وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وعند الشافعي : هو واجب في الرجعة مندوب إليه في الفرقة. وقيل : فائدة الإشهاد أن لا يقع بينهما التجاحد، وأن لا يتهم في إمساكها، ولئلا يموت أحدهما فيدعى الباقي ثبوت الزوجية ليرث مِنْكُمْ قال الحسن : من المسلمين. وعن قتادة : من أحراركم لِلَّهِ لوجهه خالصا، وذلك أن تقيموها لا للمشهود له ولا للمشهود عليه، ولا لغرض من الأغراض سوى إقامة الحق ودفع الظلم، كقوله تعالى كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أى ذلِكُمْ الحث على إقامة الشهادة لوجه اللّه ولأجل القيام بالقسط يُوعَظُ بِهِ......
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يجوز أن تكون جملة اعتراضية مؤكدة لما سبق من إجراء أمر الطلاق على السنة، وطريقه الأحسن والأبعد من الندم، ويكون المعنى : ومن يتق اللّه فطلق للسنة ولم يضار المعتدة ولم يخرجها من مسكنها واحتاط فأشهد يَجْعَلْ اللّه لَهُ مَخْرَجاً مما في شأن الأزواج من الغموم والوقوع في المضايق، ويفرج عنه وينفس ويعطه الخلاص وَيَرْزُقْهُ من وجه لا يخطره بباله ولا يحتسبه إن أو في المهر وأدى الحقوق والنفقات وقل ماله. وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه سئل عمن طلق ثلاثا أو ألفا، هل له من مخرج؟
فتلاها «١». وعن ابن عباس أنه سئل عن ذلك فقال : لم تتق اللّه فلم يجعل لك مخرجا، بانت منك بثلاث والزيادة إثم في عنقك. ويجوز أن يجاء بها على سبيل الاستطراد عند ذكر قوله ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ يعنى : ومن يتق اللّه يجعل له مخرجا ومخلصا من غموم الدنيا والآخرة. وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قرأها فقال : مخرجا من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ومن شدائد
(١). أخرجه الدارقطني والطبراني وابن مردويه من طريق عبيد اللّه بن الوليد وغيره عن إبراهيم بن عبد اللّه ابن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده. قال «طلق بعض آبائي امرأته ألفا فانطلق بنوه، فقالوا : يا رسول اللّه إن أبانا طلق أمنا ألفا. فهل له مخرج. فقال : إن أباكم لم يتق اللّه فيجعل له مخرجا - الحديث» وفي إسناده جماعة من الضعفاء. رواه إسحاق في مسنده عن ابن إدريس عن عبيد اللّه بن الوليد عن داود بن إبراهيم عن عبادة بن الصامت كذا قال.