بعدي أمر أمتى، فأخبرت به عائشة وكانتا متصادقتين «١». وقيل : خلا بها في يوم حفصة، فأرضاها بذلك واستكتمها فلم تكتم «٢»، فطلقها واعتزل نساءه ومكث تسعا وعشرين ليلة في بيت مارية. وروى أن عمر قال لها : لو كان في آل الخطاب خير لما طلقك، فنزل جبريل عليه السلام وقال : راجعها فإنها صوّامة قوّامة، وإنها لمن نسائك في الجنة «٣». وروى أنه شرب عسلا في بيت زينب بنت جحش، فتواطأت عائشة وحفصة فقالتا له : إنا نشم منك ريح المغافير، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يكره التفل، فحرّم العسل «٤»، فمعناه لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ من ملك اليمين أو العسل. وتَبْتَغِي إما تفسير لتحرم. أو حال : أو

__
(١). لم أقف في شيء من الطرق على أن ذلك كان في بيت عائشة رضى اللّه عنها، إلا فيما رواه ابن سعد عن الواقدي عن عمر بن عقبة عن شعبة هو مولى ابن عباس سمعت ابن عباس يقول «خرجت حفصة من بيتها. وكان يوم عائشة فدخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمارية القبطية بيت حفصة، فجاءت حفصة والباب بحاف فدفعته حتى خرجت الجارية. فقالت حفصة : أما إنى قد رأيت ما صنعت. فقال لها : اكتمي على وهي على حرام، فانطلقت حفصة إلى عائشة فأخبرتها فأنزل اللّه تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ فأمر فكفر عن يمينه وحبس نساءه» وروى الطبراني في عشرة النساء وابن مردويه في التفسير عنه من طريق موسى بن جعفر بن أبى كثير بن عبد الرحمن عن عمر عن أبى بكر بن عبد الرحمن عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال : دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمارية القبطية بيت حفصة بنت عمر فوجدتها معه. فقالت : يا رسول اللّه في بيتي وتفعل هذا بى من دون نسائك قال : فإنها على حرام أن أمسها يا حفصة، ألا أبشرك؟ فقالت : بلى. قال : يلي هذا الأمر من بعدي أبو بكر ويليه من بعده أبوك واكتمي هذا على، فخرجت حتى أتت عائشة فذكرت ذلك كله. وفيه قوله : وكان أدى السرور أن حرمها على نفسه، فأنزل اللّه تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ وروى الطبراني من طريق الضحاك عن ابن عباس قال «دخلت حفصة على النبي صلى اللّه عليه وسلم في بيتها وهو يطأ مارية، فقال لها لا تخبري عائشة حتى أبشرك ببشارة، فان أباك يلي من بعد أبى بكر إذا أنا مت، فذهبت حفصة فأخبرت عائشة. فقالت عائشة رضى اللّه عنها : لا أنظر إليك حتى تحرم مارية فحرمها. فأنزل اللّه الآية».
(٢). أخرجه ابن إسحاق ومن طريقه ابن أبى خيثمة قال : أخبرنى بعض آل عمر قال «أصاب النبي صلى اللّه عليه وسلم جاريته القبطية أم ابراهيم في بيت حفصة وفي يومها. فعثرت حفصة على ذلك. فقالت : يا رسول اللّه، لقد جئت أمرا ما جئته إلى أحد من نسائك في بيتي وعلى فراشي، وفي دولتى؟ قال : أيرضيك أن أحرمها فلا أمسها أبدا؟ قالت : نعم. فحرمها على نفسه. وقال لا تذكريه لأحد من الناس، وكانت حفصة لا تكتم عائشة شيئا، فلما خرجت ذهبت إلى عائشة فأخبرتها. فأنزل اللّه تعالى «يا أيها النبي لم تحرم، فكفر عن يمينه، وقرب جاريته» وقوله «و طلقها واعتزل نساءه ومكث تسعة وعشرين ليلة في بيت مارية» : لم أر هذا. [.....]
(٣). لم أره هكذا، وهو عند الحاكم وغيره بغير ذكر سببه، وقال ابن سعد : أخبرنا زيد» وقال الحرث أخبرنا عفان قال : عن حماد عن أبى عمران الجونى عن قيس بن زيد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم طلق حفصة، فقال :
إن جبريل أتانى فقال لي : راجع حفصة فإنها صوامة قوامة، وهي زوجتك في الجنة» وروى الحاكم من طريق الحسن بن أبى جعفر عن ثابت عن أنس نحوه وزاد تطليقة، والحسن ضعيف. واختلف عليه فيه، ورواه الطبراني والبزار من رواية الحسن المذكور عن عاصم عن عمار رضى اللّه عنه.
(٤). متفق عليه من حديث عمر بدون قوله «يكره التفل» فعندهما «و كان يشتد عليه أن يوجد منه الريح».


الصفحة التالية
Icon