المفردات في غريب القرآن، ص : ١٠٩
المعاينة، فيقال : بَحَرْتُ كذا : أوسعته سعة البحر، تشبيها به، ومنه : بَحرْتُ البعير : شققت أذنه شقا واسعا، ومنه سميت البَحِيرَة. قال تعالى : ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ [المائدة / ١٠٣]، وذلك ما كانوا يجعلونه بالناقة إذا ولدت عشرة أبطن شقوا أذنها فيسيبونها، فلا تركب ولا يحمل عليها، وسموا كلّ متوسّع في شيء بَحْراً، حتى قالوا : فرس بحر، باعتبار سعة جريه، وقال عليه الصلاة والسلام في فرس ركبه :«وجدته بحرا» «١» وللمتوسع في علمه بحر، وقد تَبَحَّرَ أي : توسع في كذا، والتَبَحُّرُ في العلم : التوسع واعتبر من البحر تارة ملوحته فقيل : ماء بَحْرَانِي، أي : ملح، وقد أَبْحَرَ الماء. قال الشاعر :
٣٩ -
قد عاد ماء الأرض بحرا فزادني إلى مرضي أن أبحر المشرب العذب
«٢» وقال بعضهم : البَحْرُ يقال في الأصل للماء الملح دون العذب «٣»، وقوله تعالى : مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ
[الفرقان / ٥٣] إنما سمي العذب بحرا لكونه مع الملح، كما يقال للشمس والقمر : قمران، وقيل السحاب الذي كثر ماؤه : بنات بحر «٤».
وقوله تعالى : ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
[الروم / ٤١] قيل : أراد في البوادي والأرياف لا فيما بين الماء، وقولهم : لقيته صحرة بحرة، أي : ظاهرا حيث لا بناء يستره.
بخل
البُخْلُ : إمساك المقتنيات عمّا لا يحق حبسها عنه، ويقابله الجود، يقال : بَخِلَ فهو بَاخِلٌ، وأمّا البَخِيل فالذي يكثر منه البخل، كالرحيم من الراحم.
والبُخْلُ ضربان : بخل بقنيات نفسه، وبخل بقنيات غيره، وهو أكثرها ذمّا، دليلنا على ذلك قوله تعالى : الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ
[النساء / ٣٧].

_
(١) الحديث : كان فزع بالمدينة فاستعار النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم فرسا من أبي طلحة يقال له : المندوب. فركب، فلما رجع قال :«ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبحرا» أخرجه البخاري في الجهاد ٦ / ٥٨، ومسلم في باب شجاعة النبي رقم ٢٣٠٧، وأحمد ٢ / ١٦٣.
(٢) البيت لنصيب. وهو في الغريبين ١ / ١٤٠، والمجمل ١ / ١١٧، واللسان والتاج (بحر)، وشمس العلوم ١ / ١٣٥، وديوان الأدب ٢ / ٢٩٤.
(٣) وهذا قول نفطويه، حيث قال : كل ماء ملح فهو بحر وقول الأموي كذا. راجع الغريبين ١ / ١٤٠، واللسان (بحر).
(٤) ونقل هذا أيضا الأزهري عن الليث، ثم قال الأزهري : وهذا تصحيف منكر، والصواب : بنات بحر. قال أبو عبيد؟؟
عن الأصمعي : يقال لسحائب يأتين قبل الصيف منتصبات : بنات بخر، وبنات مخر بالباء والميم والخاء، فقد تصحفت على المؤلف. راجع : اللسان (بحر) ٤ / ٤٦.
وقال ابن فارس : وبنات بخر : سحائب بيض تكون في الصيف. راجع المجمل ١ / ١١٧.


الصفحة التالية
Icon