المفردات في غريب القرآن، ص : ١١٥
فَبَرَرَةٌ خصّ بها الملائكة في القرآن من حيث إنه أبلغ من أبرار «١»، فإنه جمع برّ، وأبرار جمع بار، وبَرٌّ أبلغ من بَارٍّ، كما أنّ عدلا أبلغ من عادل.
والبُرُّ معروف، وتسميته بذلك لكونه أوسع ما يحتاج إليه في الغذاء، والبَرِيرُ خصّ بثمر الأراك ونحوه، وقولهم : لا يعرف الهرّ من البرّ «٢»، من هذا. وقيل : هما حكايتا الصوت. والصحيح أنّ معناه لا يعرف من يبرّه ومن يسيء إليه.
والبَرْبَرَةُ : كثرة الكلام، وذلك حكاية صوته.
برج
البُرُوج : القصور، الواحد : بُرْج، وبه سمّي بروج السماء لمنازلها المختصة بها، قال تعالى :
وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ [البروج / ١]، وقال تعالى : تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً [الفرقان / ٦١]، وقوله تعالى : وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء / ٧٨] يصح أن يراد بها بروج في الأرض، وأن يراد بها بروج النجم، ويكون استعمال لفظ المشيدة فيها على سبيل الاستعارة، وتكون الإشارة بالمعنى إلى نحو ما قال زهير :
٤٤ -
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ولو نال أسباب السّماء بسلّم
«٣» وأن يكون البروج في الأرض، وتكون الإشارة إلى ما قال الآخر :
٤٥ -
ولو كنت في غمدان يحرس بابه أراجيل أحبوش وأسود آلف
٤٦ -
إذا لأتتني حيث كنت منيّتي يخبّ بها هاد لإثزي قائف
«٤» وثوب مُبَرَّج : صوّرت عليه بروج، واعتبر حسنه، فقيل : تَبَرَّجَتِ المرأة أي : تشبّهت به في إظهار المحاسن، وقيل : ظهرت من برجها، أي :
قصرها، ويدلّ على ذلك قوله تعالى : وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى [الأحزاب / ٣٣]، وقوله : غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ [النور / ٦٠]، والبَرَجُ : سعة العين وحسنها تشبيها بالبرج في الأمرين.
برح
البَرَاح : المكان المتسع الظاهر الذي لا بناء فيه ولا شجر، فيعتبر تارة ظهوره فيقال : فعل كذا بَرَاحاً، أي : صراحا لا يستره شيء، وبَرِحَ الخفاء : ظهر، كأنه حصل في براح يرى «٥»، ومنه : بَرَاحُ الدار، وبَرِحَ : ذهب في البراح، ومنه : البَارِحُ للريح الشديدة، والبَارِحُ من الظباء والطير، لكن خصّ البارح بما ينحرف عن الرامي

_
(١) راجع : الإتقان للسيوطي ١ / ٢٥٣، والبرهان للزركشي ٤ / ١٨.
(٢) انظر مجمع الأمثال ٢ / ٢٦٩.
(٣) البيت من معلقته، وهو في ديوانه ص ٨٧، وشرح المعلقات ١ / ١٢٢.
(٤) البيتان لثعلبة بن حزن العبدي، وهما في حماسة البحتري الباب ٥٢، والبصائر ٢ / ٢٣٤، وتفسير الراغب ورقة ٢٧٩.
(٥) انظر : البصائر ٢ / ٢٣٦.


الصفحة التالية
Icon