المفردات في غريب القرآن، ص : ١٢٥
٤٧]، فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا [التغابن / ٦]، وعلى هذا قال : إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [الكهف / ١١٠]، تنبيها أنّ الناس يتساوون في البشرية، وإنما يتفاضلون بما يختصون به من المعارف الجليلة والأعمال الجميلة، ولذلك قال بعده : يُوحى إِلَيَّ [الكهف / ١١٠]، تنبيها أني بذلك تميّزت عنكم. وقال تعالى :
لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ [مريم / ٢٠] فخصّ لفظ البشر، وقوله : فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا
[مريم / ١٧] فعبارة عن الملائكة، ونبّه أنه تشبّح لها وتراءى لها بصورة بشر، وقوله تعالى : ما هذا بَشَراً [يوسف / ٣١] فإعظام له وإجلال وأنه أشرف وأكرم من أن يكون جوهره جوهر البشر.
وبَشَرْتُ الأديم : أصبت بشرته، نحو : أنفته ورجلته، ومنه : بَشَرَ الجراد الأرض إذا أكلته، والمباشرة : الإفضاء بالبشرتين، وكنّي بها عن الجماع في قوله : وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ [البقرة / ١٨٧]، وقال تعالى :
فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ [البقرة / ١٨٧].
وفلان مُؤْدَم مُبْشَر «١»، أصله من قولهم : أَبْشَرَهُ اللّه وآدمه، أي : جعل له بشرة وأدمة محمودة، ثم عبّر بذلك عن الكامل الذي يجمع بين الفضيلتين الظاهرة والباطنة.
وقيل معناه : جمع لين الأدمة وخشونة البشرة، وأَبْشَرْتُ الرجل وبَشَّرْتُهُ وبَشَرْتُهُ : أخبرته بسارّ بسط بشرة وجهه، وذلك أنّ النفس إذا سرّت انتشر الدم فيها انتشار الماء في الشجر، وبين هذه الألفاظ فروق، فإنّ بشرته عامّ، وأبشرته نحو : أحمدته، وبشّرته على التكثير، وأبشر يكون لازما ومتعديا، يقال : بَشَرْتُهُ فَأَبْشَرَ، أي :
اسْتَبْشَرَ، وأَبْشَرْتُهُ، وقرئ : يُبَشِّرُكَ [آل عمران / ٣٩] ويبشرك «٢» ويبشرك «٣»، قال اللّه عزّ وجلّ : لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ قالَ : أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا : بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ [الحجر / ٥٣ - ٥٤].
واستبشر : إذا وجد ما يبشّره من الفرح، قال تعالى : وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ [آل عمران / ١٧٠]، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ [آل عمران / ١٧١]، وقال تعالى : وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ [الحجر / ٦٧]. ويقال للخبر السارّ : البِشارة والبُشْرَى، قال تعالى : هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ
[يونس / ٦٤]، وقال
(١) قال ابن منظور : وفي الصحاح : فلان مؤدم مبشر : إذا كان كاملا من الرجال.
(٢) وهي قراءة حمزة والكسائي بفتح الياء وإسكان الباء وضم الشين. [.....]
(٣) وهي قراءة شاذة، وانظر الحجة للقراء السبعة ٣ / ٤٢.