المفردات في غريب القرآن، ص : ١٢٦
تعالى : لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ [الفرقان / ٢٢]، وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى [هود / ٦٩]، يا بُشْرى هذا غُلامٌ [يوسف / ١٩]، وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى [الأنفال / ١٠].
والبشير : المُبَشِّر، قال تعالى : فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً [يوسف / ٩٦]، فَبَشِّرْ عِبادِ [الزمر / ١٧]، وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ
[الروم / ٤٦]، أي : تبشّر بالمطر.
وقال صلّى اللّه عليه وسلم :«انقطع الوحي ولم يبق إلا المبشّرات، وهي الرؤيا الصالحة، يراها المؤمن أو ترى له» «١» وقال تعالى : فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ [يس / ١١]، وقال : فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [آل عمران / ٢١]، بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ [النساء / ١٣٨]، وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ [التوبة / ٣] فاستعارة ذلك تنبيه أنّ أسرّ ما يسمعونه الخبر بما ينالهم من العذاب، وذلك نحو قول الشاعر :
٥٤ -
تحيّة بينهم ضرب وجيع
«٢» ويصحّ أن يكون على ذلك قوله تعالى :
قُلْ : تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ [إبراهيم / ٣٠]، وقال عزّ وجل : وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ [الزخرف / ١٧].
ويقال : أَبشرَ، أي : وجد بشارة، نحو : أبقل وأمحل، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت / ٣٠]، وأبشرت الأرض : حسن طلوع نبتها، ومنه قول ابن مسعود رضي اللّه عنه :(من أحبّ القرآن فليبشر) «٣» أي : فليسرّ. قال الفرّاء :
إذا ثقّل فمن البشرى، وإذا خفّف فمن السرور يقال : بَشَرْتُهُ فَبَشَرَ، نحو : جبرته فجبر، وقال سيبويه «٤» : فَأَبْشَرَ، قال ابن قتيبة «٥» : هو من بشرت، الأديم، إذا رقّقت وجهه، قال : ومعناه فليضمّر نفسه، كما روي :«إنّ وراءنا عقبة لا يقطعها إلا الضّمر من الرّجال» «٦»، وعلى الأول قول الشاعر :

_
(١) الحديث صحيح أخرجه البخاري ٢ / ٣٣١، ومسلم (٤٧٩) وفيه «ذهبت النبوة وبقيت المبشّرات»، وأخرجه ابن ماجة ١ / ١٢٨٣، وانظر : شرح السنة ١٢ / ٢٠٤.
(٢) هذا عجز بيت لعمرو بن معديكرب، وصدره :
وخيل قد دلفت لها بخيل
وهو في البصائر ٢ / ٢٠١، وخزانة الأدب ٩ / ٢٥٢، وديوانه ص ١٤٩، والممتع ص ٢٦٠، والخصائص ١ / ٣٦٨.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة ٦ / ١٣٣ وانظره : في الغريبين ١ / ١٨٠، واللسان (بشر)، والنهاية ١ / ١٢٩.
(٤) الكتاب ٢ / ٢٣٥.
(٥) في غريب الحديث ٢ / ٢٣٤.
(٦) راجع : اللسان (بشر) ٤ / ٦٠. الحديث أخرجه ابن مردويه والطبراني عن أبي الدرداء سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول :«إنّ أمامكم عقبة كؤدا لا يجوزها المثقلون، فأنا أريد أن أتخفف لتلك العقبة» وإسناده صحيح. راجع : الدر المنثور ٨ / ٥٢٣، والترغيب والترهيب ٤ / ٨٥. وأسباب ورود الحديث ٢ / ٤٢ وأخرجه البزار بلفظ :«إن بين أيديكم عقبة».


الصفحة التالية
Icon