المفردات في غريب القرآن، ص : ١٢٧
٥٥ -
فأعنهم وابشر بما بشروا به وإذا هم نزلوا بضنك فانزل
«١» وتَبَاشِير الوجه وبِشْرُهُ : ما يبدو من سروره، وتباشير الصبح : ما يبدو من أوائله.
وتباشير النخيل : ما يبدو من رطبه، ويسمّى ما يعطى المبشّر : بُشْرَى وبشَارَة.
بصر
البَصَر يقال للجارحة الناظرة، نحو قوله تعالى : كَلَمْحِ الْبَصَرِ [النحل / ٧٧]، ووَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ [الأحزاب / ١٠]، وللقوّة التي فيها، ويقال لقوة القلب المدركة :
بَصِيرَة وبَصَر، نحو قوله تعالى : فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق / ٢٢]، وقال :
ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى [النجم / ١٧]، وجمع البصر أَبْصَار، وجمع البصيرة بَصَائِر، قال تعالى : فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ [الأحقاف / ٢٦]، ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة، ويقال من الأوّل : أبصرت، ومن الثاني : أبصرته وبصرت به «٢»، وقلّما يقال بصرت في الحاسة إذا لم تضامّه رؤية القلب، وقال تعالى في الأبصار : لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ
[مريم / ٤٢]، وقال : رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا [السجدة / ١٢]، وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ [يونس / ٤٣]، وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ [الصافات / ١٧٩]، بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ [طه / ٩٦] ومنه : أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف / ١٠٨] أي : على معرفة وتحقق. وقوله :
بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
[القيامة / ١٤] أي : تبصره فتشهد له، وعليه من جوارحه بصيرة تبصره فتشهد له وعليه يوم القيامة، كما قال تعالى : تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ [النور / ٢٤]. والضرير يقال له : بصير على سبيل العكس، والأولى أنّ ذلك يقال لما له من قوة بصيرة القلب لا لما قالوه، ولهذا لا يقال له :
مبصر وباصر، وقوله عزّ وجل : لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ [الأنعام / ١٠٣] حمله كثير من المفسرين على الجارحة، وقيل :
ذلك إشارة إلى ذلك وإلى الأوهام والأفهام، كما قال أمير المؤمنين رضي اللّه عنه :(التوحيد أن لا تتوهمه) «٣» وقال :(كلّ ما أدركته فهو غيره).
والبَاصِرَة عبارة عن الجارحة الناظرة، يقال :
رأيته لمحا باصرا «٤»، أي : نظرا بتحديق، قال عزّ وجل : فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً
[النمل / ١٣]، وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً [الإسراء / ١٢]
(١) البيت لعبد قيس بن خفاف وهو شاعر جاهلي كان يعاصر حاتم طيئ.
والبيت في المفضليات ص ٣٨٤، والأصمعيات ص ٢٣٠، واللسان (بشر)، وتهذيب إصلاح المنطق ١ / ٨٩، ومعاني الفراء ١ / ٢١٢.
(٢) انظر : الأفعال ٤ / ٦٩.
(٣) انظر تفسير الرازي ١ / ٢٨١.
(٤) في المثل : لأرينّك لمحا باصرا، يضرب في التوعد. المستقصى ٢ / ٢٣٧.