المفردات في غريب القرآن، ص : ١٣٥
ظاهر لمن ألقى العصبية عن نفسه، وأما قول الشاعر :
٦١ -
أو يرتبط بعض النفوس حمامها
«١» فإنه يعني به نفسه، والمعنى : إلا أن يتداركني الموت، لكن عرّض ولم يصرح، حسب ما بنيت عليه جملة الإنسان في الابتعاد من ذكر موته. قال الخليل : يقال : رأيت غربانا تَتَبَعَّضُ «٢»، أي :
يتناول بعضها بعضا، والبَعُوض بني لفظه من بعض، وذلك لصغر جسمها بالإضافة إلى سائر الحيوانات.
بعل
البَعْلُ هو الذكر من الزوجين، قال اللّه عزّ وجل : وَهذا بَعْلِي شَيْخاً [هود / ٧٢]، وجمعه بُعُولَة، نحو : فحل وفحولة. قال تعالى :
وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ [البقرة / ٢٢٨]، ولما تصوّر من الرجل الاستعلاء على المرأة فجعل سائسها والقائم عليها كما قال تعالى : الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ [النساء / ٣٤]، سمّي باسمه كل مستعل على غيره، فسمّى العرب معبودهم الذين يتقربون به إلى اللّه بَعْلًا، لاعتقادهم ذلك فيه في نحو قوله تعالى :
أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ [الصافات / ١٢٥]، ويقال : أتانا بَعْلُ هذه الدابة، أي : المستعلي عليها، وقيل للأرض المستعلية على غيرها بَعْلٌ، ولفحل النخل بَعْلٌ تشبيها بالبعل من الرجال، ولما عظم حتى يشرب بعروقه بعل لاستعلائه، قال صلّى اللّه عليه وسلم :«فيما سقي بعلا العشر» «٣». ولمّا كانت وطأة العالي على المستولى عليه مستثقلة في النفس قيل : أصبح فلان بَعْلًا على أهله، أي : ثقيلا لعلوّه عليهم، وبني من لفظ البعل المُبَاعَلَة والبِعَال كناية عن الجماع، وبَعَلَ الرجل «٤» يَبْعَلُ بُعُولَةً، واسْتَبْعَلَ فهو بَعْلٌ ومُسْتَبْعِلٌ : إذا صار بعلا، واستبعل النخل : عظم «٥»، وتصوّر من البعل الذي هو النّخل قيامه في مكانه، فقيل : بَعِلَ فلانٌ بأمره :
إذا أدهش وثبت مكانه ثبوت النخل في مقرّه، وذلك كقولهم : ما هو إلا شجر، فيمن لا يبرح.
بغت
البَغْت : مفاجأة الشيء من حيث لا يحتسب.
قال تعالى : لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً [الأعراف /
(١) تقدّم في الصفحة السابقة.
(٢) في المخطوطة : تتبعضض، وانظر العين ١ / ٢٨٣.
(٣) الحديث بهذه الرواية أخرجه ابن ماجة في سننه ١ / ٥٨١، ويروى عنه صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال :«فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر» وهذا متفق عليه. راجع : شرح السنة ٦ / ٤٢.
(٤) راجع : كتاب الأفعال ٤ / ١١٣.
(٥) في اللسان : واستبعل الموضع والنخل : صار بعلا راسخ العروق في الماء مستغنيا عن السقي وعن إجراء الماء إليه.