المفردات في غريب القرآن، ص : ١٣٧
الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [الشورى / ٤٢]، فخصّ العقوبة ببغيه بغير الحق.
وأَبْغَيْتُك : أعنتك على طلبه، وبَغَى الجرح : تجاوز الحدّ في فساده، وبَغَتِ المرأة بِغَاءً : إذا فجرت، وذلك لتجاوزها إلى ما ليس لها. قال عزّ وجلّ : وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً [النور / ٣٣]، وبَغَتِ السماء : تجاوزت في المطر حدّ المحتاج إليه، وبَغَى : تكبّر، وذلك لتجاوزه منزلته إلى ما ليس له، ويستعمل ذلك في أي أمر كان. قال تعالى : يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [الشورى / ٤٢]، وقال تعالى :
إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ [يونس / ٢٣]، ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ [الحج / ٦٠]، إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ [القصص / ٧٦]، وقال : فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي [الحجرات / ٩]، فالبغي في أكثر المواضع مذموم، وقوله : غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ [البقرة / ١٧٣]، أي : غير طالب ما ليس له طلبه ولا متجاوز لما رسم له.
قال الحسن : غير متناول للذّة ولا متجاوز سدّ الجوعة «١».
وقال مجاهد رحمه اللّه : غير باغ على إمام ولا عاد في المعصية طريق الحق «٢».
وأمّا الابتغاء فقد خصّ بالاجتهاد في الطلب، فمتى كان الطلب لشيء محمود فالابتغاء فيه محمود نحو : ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ [الإسراء / ٢٨]، وابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى [الليل / ٢٠]، وقولهم : يَنْبغي مطاوع بغى. فإذا قيل : ينبغي أن يكون كذا؟
فيقال على وجهين : أحدهما ما يكون مسخّرا للفعل، نحو : النار ينبغي أن تحرق الثوب، والثاني : على معنى الاستئهال، نحو : فلان ينبغي أن يعطى لكرمه، وقوله تعالى : وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ [يس / ٦٩]، على الأول، فإنّ معناه لا يتسخّر ولا يتسهّل له، ألا ترى أنّ لسانه لم يكن يجري به، وقوله تعالى : وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي [ص / ٣٥].
(١) ومثله عن الشعبي والنخعي قالا : إذا اضطر إلى الميتة أكل منها قدر ما يقيمه. راجع الدر المنثور ١ / ٤٠٨.
(٢) أخرج هذا عن مجاهد البيهقي في المعرفة والسنن وابن أبي شيبة وابن المنذر وغيرهم. انظر : الدر المنثور ١ / ٤٠٨.