المفردات في غريب القرآن، ص : ١٤٠
بدلامن الميم. قال عزّ وجلّ : إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً [آل عمران / ٩٦]. وقيل : بطن مكة، وقيل : هي اسم المسجد، وقيل : هي البيت، وقيل : هي حيث الطواف «١» وسمّي بذلك من التَبَاكِّ، أي :
الازدحام، لأنّ الناس يزدحمون فيه للطواف، وقيل : سميت مكّة بَكَّة لأنها تبكّ أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظلم.
بكر
أصل الكلمة هي البُكْرَة التي هي أوّل النهار، فاشتق من لفظه لفظ الفعل، فقيل : بَكَرَ فلان بُكُورا : إذا خرج بُكْرَةً، والبَكُور : المبالغ في البكرة، وبَكَّر في حاجته وابْتَكَر وبَاكَرَ مُبَاكَرَةً.
وتصوّر منها معنى التعجيل لتقدمها على سائر أوقات النهار، فقيل لكلّ متعجل في أمر : بِكْر، قال الشاعر :
٦٤ -
بكرت تلومك بعد وهن في النّدى بسل عليك ملامتي وعتابي
وسمّي أول الولد بكرا، وكذلك أبواه في ولادته [إيّاه تعظيما له، نحو : بيت اللّه، وقيل :
أشار إلى ثوابه وما أعدّ لصالحي عباده ممّا لا يلحقه الفناء، وهو المشار إليه بقوله تعالى : وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ ] «٣» [العنكبوت / ٦٤]، قال الشاعر :
٦٥ -
يا بكر بكرين ويا خلب الكبد
«٤» فبكر في قوله تعالى : لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ
[البقرة / ٦٨]. هي التي لم تلد، وسمّيت التي لم تفتضّ بكرا اعتبارا بالثيّب، لتقدّمها عليها فيما يراد له النساء، وجمع البكر أبكار. قال تعالى :
إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً [الواقعة / ٣٥ - ٣٦]. والبَكَرَة : المحالة الصغيرة، لتصوّر السرعة فيها.
بكم
قال عزّ وجلّ : صُمٌّ بُكْمٌ
[البقرة / ١٨]، جمع أَبْكَم، وهو الذي يولد أخرس، فكلّ أبكم أخرس، وليس كل أخرس أبكم، قال تعالى :
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ [النحل / ٧٦]، ويقال : بَكِمَ عن
(١) انظر : الدر المنثور ٢ / ٥٧.
(٢) البيت في اللسان (بكر) بلا نسبة. وهو لضمرة بن ضمرة النهشلي، وهو من نوادر أبي زيد ص ٢، والأفعال ٤ / ٦٧، والبرصان والعرجان للجاحظ ص ٥٩، وأمالي القالي ٢ / ٢٧٩. [.....]
(٣) ما بين [] ليس في نسخة المحمودية رقم ٢٠٩١، وهو ثابت في باقي النسخ، ولا أرى له تعلّقا بما قبله سوى قوله تعظيما له نحو بيت اللّه.
(٤) هذا شطر بيت، وعجزه :
أصبحت مني كذراع من عضد
وهو في اللسان (بكر)، وغريب الحديث للخطّابي ٢ / ٣١٥، والصحاح : بكر، وديوان الأدب للفارابي ١ / ١٨٠، وأمالي القالي ١ / ٢٤ ولم ينسبه أحد منهم، والبيت للكميت في ديوانه ١ / ١٦٦، ومثلث البطليوسي ١ / ٣٦٢.
الخلب : حجاب القلب. ومنه قيل : إنّه لخلب النساء، أي : يحببنه.