المفردات في غريب القرآن، ص : ١٤١
الكلام : إذا ضعف عنه لضعف عقله، فصار كالأبكم.
بكي
بَكَى يَبْكِي بُكًا وبُكَاءً، فالبكاء بالمدّ : سيلان الدمع عن حزن وعويل، يقال إذا كان الصوت أغلب كالرّغاء والثغاء وسائر هذه الأبنية الموضوعة للصوت، وبالقصر يقال إذا كان الحزن أغلب، وجمع البَاكِي بَاكُون وبُكِيّ، قال اللّه تعالى : خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا [مريم / ٥٨]. وأصل بكيّ فُعُول «١»، كقولهم : ساجد وسجود، وراكع وركوع، وقاعد وقعود، لكن قلب الواو ياء فأدغم نحو : جاث وجثيّ، وعات وعتيّ، وبكى يقال في الحزن وإسالة الدمع معا، ويقال في كل واحد منهما منفردا عن الآخر، وقوله عزّ وجلّ : فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً
[التوبة / ٨٢] إشارة إلى الفرح والترح وإن لم تكن مع الضحك قهقهة ولا مع البكاء إسالة دمع.
وكذلك قوله تعالى : فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ
[الدخان / ٢٩]، وقد قيل :
إنّ ذلك على الحقيقة، وذلك قول من يجعل لهما حياة وعلما، وقيل : ذلك على المجاز، وتقديره :
فما بكت عليهم أهل السماء.
بل
بَلْ كلمة للتدارك، وهو ضربان :
- ضرب يناقض ما بعده ما قبله، لكن ربما يقصد به لتصحيح الحكم الذي بعده وإبطال ما قبله، وربما يقصد تصحيح الذي قبله وإبطال الثاني، فممّا قصد به تصحيح الثاني وإبطال الأول قوله تعالى : إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين / ١٣ - ١٤]، أي :
ليس الأمر كما قالوا بل جهلوا، فنبّه بقوله :
رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ على جهلهم، وعلى هذا قوله في قصة إبراهيم قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ [الأنبياء / ٦٢ - ٦٣].
وممّا قصد به تصحيح الأول وإبطال الثاني قوله تعالى : فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ [الفجر / ١٥ - ١٧].
أي : ليس إعطاؤهم المال من الإكرام ولا منعهم من الإهانة، لكن جهلوا ذلك لوضعهم المال في غير موضعه، وعلى ذلك قوله تعالى :
(١) إلا أنهم قلبوا الواو ياء ثم أدغموها مع الياء.