المفردات في غريب القرآن، ص : ١٤٦
المؤمنين : من وسع عليه دنياه فلم يعلم أنه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله «١».
وقال تعالى : وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً [الأنبياء / ٣٥]، وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً «٢» [الأنفال / ١٧]، وقوله عزّ وجل : وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ [البقرة / ٤٩]، راجع إلى الأمرين، إلى المحنة التي في قوله عزّ وجل : يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ [البقرة / ٤٩]، وإلى المنحة التي أنجاهم، وكذلك قوله تعالى : وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ [الدخان / ٣٣]، راجع إلى الأمرين، كما وصف كتابه بقوله : قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى [فصلت / ٤٤].
وإذا قيل : ابْتَلَى فلان كذا وأَبْلَاهُ فذلك يتضمن أمرين : أحدهما تعرّف حاله والوقوف على ما يجهل من أمره، والثاني ظهور جودته ورداءته، وربما قصد به الأمران، وربما يقصد به أحدهما، فإذا قيل في اللّه تعالى : بلا كذا وأبلاه فليس المراد منه إلا ظهور جودته ورداءته، دون التعرف لحاله، والوقوف على ما يجهل من أمره إذ كان اللّه علّام الغيوب، وعلى هذا قوله عزّ وجل : وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ [البقرة / ١٢٤].
ويقال : أَبْلَيْتُ فلانا يمينا : إذا عرضت عليه اليمين لتبلوه بها «٣».
بَلَى : ردّ للنفي نحو قوله تعالى : وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً [البقرة / ٨٠ - ٨١]، أو جواب لاستفهام مقترن بنفي نحو : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا : بَلى [الأعراف / ١٧٢].
و(نعم) يقال في الاستفهام المجرّد نحو :
فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا : نَعَمْ [الأعراف / ٤٤]، ولا يقال هاهنا : بلى فإذا قيل :
ما عندي شيء فقلت : بلى فهو ردّ لكلامه، وإذا قلت نعم فإقرار منك.
قال تعالى : فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل / ٢٨]، وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ [سبأ / ٣]، وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى [الزمر / ٧١]، قالُوا أَوَلَمْ تَكُ

_
(١) انظر ربيع الأبرار ١ / ٤٥.
(٢) وانظر : بصائر ذوي التمييز ٢ / ٢٧٤، فقد نقل الفيروزآبادي غالب هذا الباب.
(٣) انظر : اللسان (بلا) ١٤ / ٨٤.


الصفحة التالية
Icon