المفردات في غريب القرآن، ص : ١٥١
بيت
أصل البيت : مأوى الإنسان بالليل، لأنه يقال : بَاتَ : أقام بالليل، كما يقال : ظلّ بالنهار ثم قد يقال للمسكن بيت من غير اعتبار الليل فيه، وجمعه أَبْيَات وبُيُوت، لكن البيوت بالمسكن أخصّ، والأبيات بالشعر. قال عزّ وجلّ : فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا [النمل / ٥٢]، وقال تعالى : وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً [يونس / ٧٨]، لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ [النور / ٢٧]، ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر وصوف ووبر، وبه شبّه بيت الشعر، وعبّر عن مكان الشيء بأنه بيته، وصار أهلُ البيتِ متعارفا في آل النبيّ عليه الصلاة والسلام، ونبّه النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم بقوله :«سلمان منّا أهل البيت» «١» أنّ مولى القوم يصح نسبته إليهم، كما قال :«مولى القوم منهم، وابنه من أنفسهم» «٢».
وبيت اللّه والبيت العتيق : مكة، قال اللّه عزّ وجل : وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج / ٢٩]، إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ [آل عمران / ٩٦]، وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ [البقرة / ١٢٧] يعني : بيت اللّه.
وقوله عزّ وجل : وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى [البقرة / ١٨٩]، إنما نزل في قوم كانوا يتحاشون أن يستقبلوا بيوتهم بعد إحرامهم، فنبّه تعالى أنّ ذلك مناف للبرّ «٣»، وقوله عزّ وجلّ : وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ [الرعد / ٢٣]، معناه : بكل نوع من المسارّ، وقوله تعالى :
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ [النور / ٣٦]، قيل : بيوت النبيّ «٤» نحو : لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ [الأحزاب / ٥٣]، وقيل : أشير بقوله : فِي بُيُوتٍ إلى أهل بيته وقومه. وقيل : أشير به إلى القلب. وقال بعض الحكماء في قول النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم :«لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة» «٥» : إنه أريد به القلب، وعني بالكلب الحرص بدلالة أنه يقال : كلب
(١) أخرجه الحاكم ٣ / ٥٩٨ وقال الذهبي : سنده ضعيف، وقال العجلوني : رواه الطبراني والحاكم عن عمرو بن عوف، وسنده ضعيف ا. ه. قال الهيثمي : فيه عند الطبراني كثير بن عبد اللّه المزني ضعّفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات.
انظر : كشف الخفاء ١ / ٤٥٩، والفتح الكبير ٢ / ١٥٩، وأسباب ورود الحديث ٢ / ٣٦٧.
(٢) قال السخاوي : رواه أصحاب السنن وابن حبان من حديث أبي رافع وفيه قصة. ا. ه.
وهو عند الشيخين عن أنس بلفظ :«من أنفسهم» وأيضا فيه :«ابن أخت القوم منهم أو من أنفسهم». راجع : فتح الباري ١٢ / ٤٨، وشرح السنة ٨ / ٣٥٢، وكشف الخفاء ٢ / ٢٩١، والمقاصد الحسنة ص ٤٣٩.
(٣) انظر : الدر المنثور ١ / ٤٩١. وأسباب النزول للواحدي ص ٨٦.
(٤) وهذا قول مجاهد فيما أخرجه عنه ابن أبي حاتم. انظر : الدر المنثور ٦ / ٢٠٣.
(٥) الحديث متفق على صحته، وهو في البخاري في بدء الخلق ٦ / ٢٥٦، ومسلم برقم (٢١٠٦) في اللباس والزينة، وانظر : شرح السنة ١٢ / ١٢٦.