المفردات في غريب القرآن، ص : ١٥٦
[طه / ٥١]، أي : فما حالهم وخبرهم.
ويعبّر بالبال عن الحال الذي ينطوي عليه الإنسان، فيقال : خطر كذا ببالي.
بين
بَيْن موضوع للخلالة بين الشيئين ووسطهما. قال تعالى : وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً «١» [الكهف / ٣٢]، يقال : بَانَ كذا أي : انفصل وظهر ما كان مستترا منه، ولمّا اعتبر فيه معنى الانفصال والظهور استعمل في كلّ واحد منفردا، فقيل للبئر البعيدة القعر : بَيُون، لبعد ما بين الشفير والقعر لانفصال حبلها من يد صاحبها. وبان الصبح :
ظهر، وقوله تعالى : لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ «٢» [الأنعام / ١٩٤]، أي : وصلكم. وتحقيقه : أنه ضاع عنكم الأموال والعشيرة والأعمال التي كنتم تعتمدونها، إشارة إلى قوله سبحانه : يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ [الشعراء / ٨٨]، وعلى ذلك قوله : لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى الآية [الأنعام / ٩٤].
و«بَيْن» يستعمل تارة اسما وتارة ظرفا، فمن قرأ : بينكم [الأنعام / ٩٤]، جعله اسما، ومن قرأ : بَيْنَكُمْ جعله ظرفا غير متمكن وتركه مفتوحا، فمن الظرف قوله : لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الحجرات / ١]، وقوله : فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً [المجادلة / ١٢]، فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ [ص / ٢٢]، وقوله تعالى : فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما [الكهف / ٦١]، فيجوز أن يكون مصدرا، أي :
موضع المفترق. وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ [النساء / ٩٢]. ولا يستعمل «بين» إلا فيما كان له مسافة، نحو : بين البلدين، أو له عدد ما اثنان فصاعدا نحو : الرجلين، وبين القوم، ولا يضاف إلى ما يقتضي معنى الوحدة إلا إذا كرّر، نحو : وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ [فصلت / ٥]، فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً [طه / ٥٨]، ويقال : هذا الشيء بين يديك، أي : متقدما لك، ويقال : هو بين يديك أي :
قريب منك، وعلى هذا قوله : ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ [الأعراف / ١٧]، ولَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا [مريم / ٦٤]، وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا [يس / ٩]، مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ [المائدة / ٤٦]، أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا [ص / ٨]، أي : من جملتنا، وقوله : وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ [سبأ / ٣١]، أي : متقدّما له من الإنجيل ونحوه، وقوله : فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ
(١) ونقل هذا السيوطي عنه في الإتقان ٢ / ٢٠٩.
(٢) وهذه قراءة ابن كثير وأبي عمرو وحمزة ويعقوب وخلف وشعبة عن عاصم وابن عامر الشامي برفع (بينكم)، وقرأ نافع وحفص والكسائي وأبو جعفر (بينكم) بنصب النون.