المفردات في غريب القرآن، ص : ١٥٧
[الأنفال / ١]، أي : راعوا الأحوال التي تجمعكم من القرابة والوصلة والمودة.
ويزاد في بين «ما» أو الألف، فيجعل بمنزلة «حين»، نحو : بَيْنَمَا زيد يفعل كذا، وبَيْنَا يفعل كذا، قال الشاعر :
٧٦ -
بينا يعنّقه الكماة وروغه يوما أتيح له جريء، سلفع
«١».
يقال : بَانَ واسْتَبَانَ وتَبَيَّنَ نحو عجل واستعجل وتعجّل وقد بَيَّنْتُهُ. قال اللّه سبحانه : وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ [العنكبوت / ٣٨]، وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ [إبراهيم / ٤٥]، ولِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ [الأنعام / ٥٥]، قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ [البقرة / ٢٥٦]، قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ [آل عمران / ١١٨]، وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ [الزخرف / ٦٣]، وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل / ٤٤]، لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ [النحل / ٣٩]، فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ [آل عمران / ٩٧]، وقال : شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ [البقرة / ١٨٥]. ويقال : آية مُبَيَّنَة اعتبارا بمن بيّنها، وآية مُبَيِّنَة اعتبارا بنفسها، وآيات مبيّنات ومبيّنات.
والبَيِّنَة : الدلالة الواضحة عقلية كانت أو محسوسة، وسمي الشاهدان بيّنة لقوله عليه السلام :«البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر» «٢»، وقال سبحانه : أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ [هود / ١٧]، وقال : لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ [الأنفال / ٤٢]، جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ [الروم / ٩].
والبَيَان : الكشف عن الشيء، وهو أعمّ من النطق، لأنّ النطق مختص بالإنسان، ويسمّى ما بيّن به بيانا. قال بعضهم : البيان يكون على ضربين :
أحدهما بالتسخير، وهو الأشياء التي تدلّ على حال من الأحوال من آثار الصنعة.
والثاني بالاختبار، وذلك إما يكون نطقا، أو كتابة، أو إشارة.

_
(١) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وهو في ديوان الهذليين ١ / ٣٧، وشمس العلوم ١ / ٢٠٥، واللسان (بين)، وغريب الحديث للخطابي ٢ / ٤٦٩.
(٢) الحديث أخرجه البيهقي ٨ / ٢٧٩، والدارقطني ٣ / ١١١، ولمسلم :«البيّنة على المدعي» وليس فيه :
«واليمين...» (انظر : صحيح مسلم رقم ١١٧١)، وقال النووي في أربعينه : حديث حسن، رواه البيهقي وغيره هكذا، وبعضه في الصحيحين، وأخرجه الدارقطني بلفظ :«البيّنة على المدعي واليمين على من أنكر إلا في القسامة» وفيه ضعف، وله عدة طرق متعددة لكنها ضعيفة، انظر : كشف الخفاء ١ / ٢٨٩.


الصفحة التالية
Icon