المفردات في غريب القرآن، ص : ١٦١
وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة / ١٩٥]، قيل تقديره : لا تلقوا أيديكم، والصحيح أنّ معناه : لا تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى التهلكة «١»، إلا أنه حذف المفعول استغناء عنه وقصدا إلى العموم، فإنه لا يجوز إلقاء أنفسهم ولا إلقاء غيرهم بأيديهم إلى التهلكة.
وقال بعضهم : الباء بمعنى (من) في قوله :
عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ [المطففين / ٢٨]، عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ «٢» [الإنسان / ٦]، والوجه ألا يصرف ذلك عمّا عليه، وأن العين هاهنا إشارة إلى المكان الذي ينبع منه الماء لا إلى الماء بعينه، نحو : نزلت بعين، فصار كقولك : مكانا يشرب به، وعلى هذا قوله تعالى :
فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ [آل عمران / ١٨٨] أي : بموضع الفوز. واللّه تعالى أعلم.
تمّ كتاب الباء

_
(١) انظر : مغني اللبيب ص ١٤٨.
(٢) وجعل الباء بمعنى «من» للتبعيض أثبته الأصمعي والفارسي والقتبي وابن مالك والكوفيون. راجع : مغني اللبيب ص ١٤٢.


الصفحة التالية
Icon