المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٠٢
إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ [آل عمران / ١٧٣]، قيل : جمعوا آراءهم في التدبير عليكم، وقيل :
جمعوا جنودهم. وجَمِيعٌ وأَجْمَعُ وأَجْمَعُونَ يستعمل لتأكيد الاجتماع على الأمر، فأمّا أجمعون فتوصف به المعرفة، ولا يصح نصبه على الحال. نحو قوله تعالى : فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ [الحجر / ٣٠]، وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ [يوسف / ٩٣]، فأمّا جميع فإنّه قد ينصب على الحال فيؤكّد به من حيث المعنى، نحو : اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً [البقرة / ٣٨]، وقال : فَكِيدُونِي جَمِيعاً [هود / ٥٥]، وقولهم : يوم الجمعة، لاجتماع الناس للصلاة، قال تعالى : إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة / ٩]، ومسجد الجامع، أي : الأمر الجامع، أو الوقت الجامع، وليس الجامع وصفا للمسجد، وجَمَّعُوا : شهدوا الجمعة، أو الجامع أو الجماعة.
وأتانٌ جامع «١» : إذا حملت، وقِدْر جِمَاع جامعة : عظيمة، واستجمع الفرس جريا : بالغ، فمعنى الجمع ظاهر. وقولهم : ماتت المرأة بِجُمْع : إذا كان ولدها في بطنها، فلتصور اجتماعهما، وقولهم : هي منه بِجُمْعٍ : إذا لم تفتضّ : فلاجتماع ذلك العضو منها وعدم التشقق فيه، وضربه بِجُمْعِ كفّه : إذا جمع أصابعه فضربه بها، وأعطاه من الدراهم جمع الكف.
أي : ما جمعته كفّه. والجوامع : الأغلال، لجمعها الأطراف.
جمل
الجَمَال : الحسن الكثير، وذلك ضربان :
أحدهما : جمال يخصّ الإنسان في نفسه أو بدنه أو فعله.
والثاني : ما يوصل منه إلى غيره. وعلى هذا الوجه ما روي عنه صلّى اللّه عليه وسلم :«إنّ اللّه جميل يحبّ الجمال» «٢» تنبيها أنّه منه تفيض الخيرات الكثيرة، فيحبّ من يختص بذلك.
وقال تعالى : وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ [النحل / ٦]، ويقال : جَمِيلٌ وجَمَال على التكثير. قال اللّه تعالى : فَصَبْرٌ جَمِيلٌ [يوسف / ٨٣]، فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا [المعارج / ٥]، وقد جَامَلْتُ فلانا، وأَجْمَلْتُ في
(١) قال ابن فارس : يقال للأتان أول ما تحمل : جامع. راجع المجمل ١ / ١٩٨.
(٢) الحديث صحيح، وقد أخرجه مسلم والترمذي عن ابن مسعود، والطبراني في الكبير عن أبي أمامة، والحاكم عن ابن عمر، وابن عساكر عن جابر وابن عمر. انظر : الفتح الكبير ١ / ٣٣١، ورواية البيهقي عن ابن مسعود عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال :«لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان»، فقال رجل : يا رسول اللّه، الرجل يحبّ أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :«إنّ اللّه جميل يحبّ الجمال، الكبر من بطر الحق وغمص الناس» وكذا رواه البيهقي بهذه الرواية (انظر : الأسماء والصفات ص ٦٠)، وصحيح مسلم كتاب الإيمان ١ / ٩٣ باب تحريم الكبر، والمستدرك ٤ / ١٨١ و١ / ٢٦.