المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٠٦
فالأول نحو : جَنَبْتُهُ، وأَجْنَبْتُهُ، ومنه :
وَالْجارِ الْجُنُبِ [النساء / ٣٦]، أي :
البعيد، قال الشاعر :
١٠١ -
فلا تحرمنّي نائلا عن جنابة
«١» أي : عن بعد. ورجل جَنِبٌ وجَانِبٌ. قال عزّ وجل : إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ
[النساء / ٣١]، وقال عزّ وجل : وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ [الحج / ٣٠]، واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [الزمر / ١٧] عبارة عن تركهم إياه، فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة / ٩٠]، وذلك أبلغ من قولهم : اتركوه. وجنب بنو فلان : إذا لم يكن في إبلهم اللبن، وجُنِبَ فلان خيرا، وجنب شرا «٢». قال تعالى في النار : وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى [الليل / ١٧ - ١٨]، وذلك إذا أطلق فقيل : جنب فلان فمعناه : أبعد عن الخير، وذلك يقال في الدعاء في الخير، وقوله عزّ وجل : وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ [إبراهيم / ٣٥]، من : جنبته عن كذا أي : أبعدته، وقيل : هو من جنبت الفرس، كأنما سأله أن يقوده عن جانب الشرك بألطاف منه وأسباب خفيّة. والتجنيب : الرّوح في الرّجلين، وذلك إبعاد إحدى الرجلين عن الأخرى خلقة.
وقوله تعالى : وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا
[المائدة / ٦]، أي : إن أصابتكم الجنابة، وذلك بإنزال الماء أو بالتقاء الختانين، وقد جَنُبَ وأَجْنَبَ واجْتَنَبَ وتَجَنَّبَ، وسميت الجنابة بذلك لكونها سببا لتجنب الصلاة في حكم الشرع، والجَنُوب يصح أن يعتبر فيها معنى المجيء من جانب الكعبة «٣»، وأن يعتبر فيها معنى الذهاب عنه، لأنّ المعنيين فيها موجودان، واشتق من الجنوب جَنَبَتِ الريحُ : هبّت جنوبا، فَأَجْنَبْنَا :
دخلنا فيها، وجُنِبْنَا : أصابتنا، وسحابة مَجْنُوبَة :
هبّت عليها.
جنح
الجَنَاح : جناح الطائر، يقال : جُنِحَ «٤» الطائر، أي : كسر جناحه، قال تعالى : وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ [الأنعام / ٣٨]، وسمّي جانبا الشيء جَناحيه، فقيل : جناحا السفينة، وجناحا العسكر، وجناحا الوادي، وجناحا الإنسان لجانبيه، قال عزّ وجل : وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ

_
(١) هذا شطر بيت، وعجزه :
فإني امرؤ وسط القباب غريب
وهو لعلقمة بن عبدة، في ديوانه ص ٤٨، والمفضليات ص ٣٩٤، والمجمل ١ / ١٩٩، واللسان (جنب)، والأساس ص ٦٥.
(٢) انظر : البصائر ١ / ٣٩٨.
(٣) والجنوب : ريح تخالف الشمال تأتي عن يمين القبلة، راجع : اللسان (جنب).
(٤) انظر الأفعال ٢ / ٢٨٨.


الصفحة التالية
Icon