المفردات في غريب القرآن، ص : ٢١٦
عزّ وجلّ : فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ
[الروم / ١٥]، أي : يفرحون حتى يظهر عليهم حبار نعيمهم.
حبس
الحَبْس : المنع من الانبعاث، قال عزّ وجلّ :
تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ [المائدة / ١٠٦]، والحَبْس : مصنع الماء الذي يحبسه، والأحباس جمع، والتحبيس : جعل الشيء موقوفا على التأبيد، يقال : هذا حَبِيس في سبيل اللّه.
حبط
قال اللّه تعالى : حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ
[المائدة / ٥٣]، وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام / ٨٨]، وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ [محمد / ٣٢]، لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر / ٦٥]، وقال تعالى : فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ [الأحزاب / ١٩]، وحَبْط العمل على أضرب :
أحدها : أن تكون الأعمال دنيوية فلا تغني في القيامة غناء، كما أشار إليه بقوله : وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً [الفرقان / ٢٣].
والثاني : أن تكون أعمالا أخروية، لكن لم يقصد بها صاحبها وجه اللّه تعالى، كما روي :
«أنه يؤتى يوم القيامة برجل فيقال له : بم كان اشتغالك؟ قال : بقراءة القرآن، فيقال له : قد كنت تقرأ ليقال : هو قارئ، وقد قيل ذلك، فيؤمر به إلى النار» «١».
والثالث : أن تكون أعمالا صالحة، ولكن بإزائها سيئات توفي عليها، وذلك هو المشار إليه بخفّة الميزان.
وأصل الحبط من الحَبَطِ، وهو أن تكثر الدابة أكلا حتى ينتفخ بطنها، وقال عليه السلام :«إنّ ممّا ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلمّ» «٢». وسمّي الحارث الحَبَطَ «٣»، لأنه أصاب ذلك، ثم سمي أولاده حَبَطَات.

_
(١) الحديث ذكره المؤلف بمعناه، وهو عن أبي هريرة قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول :«إنّ أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها. قال : فما عملت فيها؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت، قال : كذبت، ولكنّك قاتلت لأن يقال : فلان جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلّم العلم وعلّمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها. قال : فما عملت فيها؟ قال : تعلّمت العلم وعلّمته، وقرأت فيك القرآن، قال : كذبت ولكنّك تعلّمت ليقال : عالم، وقرأت القرآن ليقال : هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار...» الحديث أخرجه مسلم والنسائي، والترمذي وحسّنه، وابن حبان في صحيحه. انظر : الترغيب والترهيب ١ / ٢٩، وعارضة الأحوذي ٩ / ٢٢٦، ومسند أحمد ٢ / ٣٢١، وسنن النسائي ٦ / ٢٣، ومسلم في الإمارة، باب من قاتل للرياء برقم (١٩٠٥)، وانظر : شرح السنة ١٤ / ٣٣٤.
(٢) الحديث في الصحيحين، راجع فتح الباري ١١ / ٢٤٤ باب ما يحذر من زهرة الدنيا، ومسلم رقم (١٠٥٢). ورواية البخاري :«إنّ هذا المال خضرة حلوة، وإنّ كلّ ما أنبت الربيع يقتل حبطا أو يلمّ إلا آكلة الخضرة».
(٣) قال في اللسان : والحبط : الحارث بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، سمّي بذلك لأنه كان في سفر فأصابه مثل - الحبط الذي يصيب الماشية، فنسبوا إليه. ا. ه.
أقول : وفي شعر الفرزدق :
بنو مسمع أكفاؤها آل دارم وتنكح في أكفائها الحبطات
ولا يدرك الغايات إلا جيادها ولا تستطيع الجلّة البكرات
فردّ عليه من الحبطات فقال :
أما كان عباد كفيا لدارم بلى وأبيات بها الحجرات
راجع : ديوان الفرزدق ص ٩٩، وعيار الشعر ص ١٥٢، ووضح البرهان ٢ / ١٢١.


الصفحة التالية
Icon