المفردات في غريب القرآن، ص : ٢١٧
حبك
قال تعالى : وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ
[الذاريات / ٧]، هي ذات الطرائق فمن الناس من تصوّر منها الطرائق المحسوسة بالنجوم والمجرّة، ومنهم من اعتبر ذلك بما فيه من الطرائق المعقولة المدركة بالبصيرة، وإلى ذلك أشار بقوله تعالى : الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ [آل عمران / ١٩١]. وأصله من قولهم : بعير مَحْبُوك القرا «١»، أي : محكمه، والاحتباك : شدّ الإزار.
حبل
الحَبْلُ معروف، قال عزّ وجلّ : فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ [المسد / ٥]، وشبّه به من حيث الهيئة حبل الوريد وحبل العاتق، والحبل :
المستطيل من الرّمل، واستعير للوصل، ولكلّ ما يتوصّل به إلى شيء. قال عزّ وجلّ : وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً [آل عمران / ١٠٣]، فحبله هو الذي معه التوصل به إليه من القرآن والعقل، وغير ذلك ممّا إذا اعتصمت به أدّاك إلى جواره، ويقال للعهد حبل، وقوله تعالى : ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ [آل عمران / ١١٢]، ففيه تنبيه أنّ الكافر يحتاج إلى عهدين :
- عهد من اللّه، وهو أن يكون من أهل كتاب أنزله اللّه تعالى، وإلّا لم يقرّ على دينه، ولم يجعل له ذمّة.
- وإلى عهد من الناس يبذلونه له.
والحِبَالَة خصّت بحبل الصائد، جمعها :
حَبَائِل، وروي (النّساء حبائل الشّيطان) «٢».
والمُحْتَبِل والحَابِل : صاحب الحبالة، وقيل :
وقع حابلهم على نابلهم «٣»، والحُبْلَة : اسم لما يجعل في القلادة.
(١) القرا : الظّهر.
(٢) الحديث أخرجه أبو نعيم عن ابن مسعود، والديلمي عن عبد اللّه بن عامر وعقبة بن عامر، وقال ابن الفرس :
الحديث حسن. راجع : كشف الخفاء ٢ / ٤، والفتح الكبير ٢ / ١٨١.
(٣) قال في اللسان : وفي المثل : ثار حابلهم على نابلهم، أي : أوقدوا بينهم الشر. راجع اللسان :(نبل).