المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٢٢
- وإمّا شيء يجوز كلاهما «١».
وقوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
[المجادلة / ٥]، أي : يمانعون، فذلك إمّا اعتبارا بالممانعة وإمّا باستعمال الحديد. والحديد معروف، قال عزّ وجل :
وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ [الحديد / ٢٥]، وحَدَّدْتُ السكّين : رقّقت حدّه، وأَحْدَدْتُهُ :
جعلت له حدّا، ثم يقال لكلّ ما دقّ في نفسه من حيث الخلقة أو من حيث المعنى كالبصر والبصيرة حَدِيد، فيقال : هو حديد النظر، وحديد الفهم، قال عزّ وجل : فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق / ٢٢]، ويقال : لسان حديد، نحو : لسان صارم، وماض، وذلك إذا كان يؤثّر تأثير الحديد، قال تعالى : سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ
[الأحزاب / ١٩]، ولتصوّر المنع سمّي البوّاب حَدَّاداً، وقيل : رجل محدود : ممنوع الرزق والحظّ.
حدب
يجوز أن يكون الأصل في الحَدَبِ حدب الظهر، يقال : حَدِبَ «٢» الرجل حَدَباً، فهو أَحْدَب، واحدودب. وناقة حدباء تشبيها به، ثم شبّه به ما ارتفع من ظهر الأرض، فسمّي حَدَباً، قال تعالى : وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ [الأنبياء / ٩٦].
حدث
الحدوث : كون الشيء بعد أن لم يكن، عرضا كان ذلك أو جوهرا، وإِحْدَاثه : إيجاده.
وإحداث الجواهر ليس إلا للّه تعالى، والمُحدَث : ما أوجد بعد أن لم يكن، وذلك إمّا في ذاته، أو إحداثه عند من حصل عنده، نحو :
أحدثت ملكا، قال تعالى : ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ [الأنبياء / ٢]، ويقال لكلّ ما قرب عهده محدث، فعلا كان أو مقالا. قال تعالى : حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً
[الكهف / ٧٠]، وقال : لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً [الطلاق / ١]، وكلّ كلام يبلغ الإنسان من جهة السمع أو الوحي في يقظته أو منامه يقال له :
حديث، قال عزّ وجلّ : وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً [التحريم / ٣]، وقال تعالى : هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ [الغاشية /
(١) كصلاة النفل المقيدة، مثل الضحى، فإنها ثمان، فتجوز الزيادة عليها والنقصان منها. وهذه الزيادة ليست في المخطوطة.
ذكر الراغب أن الحدود أربعة أوجه، وحين عدّها ذكر ثلاثة فقط، وفي هامش إحدى مخطوطات الراغب :(و إمّا شيء يجوز كلاهما)، قال السمين : والراغب قال هي أربعة، ولم يذكر إلا ثلاثة، ولم يمثّل إلا للأول. قال :
والرابع : قسم بعكسه كالزكاة. ا ه. أي : بعكس.
(٢) راجع : الأفعال ١ / ٤٠٧. [.....]