المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٢٦
حرث
الحَرْث : إلقاء البذر في الأرض وتهيّؤها للزرع، ويسمّى المحروث حرثا، قال اللّه تعالى :
أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ [القلم / ٢٢]، وتصوّر منه معنى العمارة التي تحصل عنه في قوله تعالى : مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ، وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ [الشورى / ٢٠]، وقد ذكرت في (مكارم الشريعة) كون الدنيا مَحْرَثا للناس، وكونهم حُرَّاثاً فيها وكيفية حرثهم «١».
وروي :«أصدق الأسماء الحارث» «٢» وذلك لتصوّر معنى الكسب منه، وروي :«احرث في دنياك لآخرتك» «٣»، وتصوّر معنى التهيّج من حرث الأرض، فقيل : حَرَثْت النّار، ولما تهيّج به النار محرث، ويقال : احرث القرآن، أي : أكثر تلاوته، وحَرَثَ ناقته : إذا استعملها، وقال معاوية «٤» للأنصار : ما فعلت نواضحكم؟ قالوا : حرثناها يوم بدر. وقال عزّ وجلّ : نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة / ٢٢٣]، وذلك على سبيل التشبيه، فبالنساء زرع ما فيه بقاء نوع الإنسان، كما أنّ بالأرض زرع ما به بقاء أشخاصهم، وقوله عزّ وجل : وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ [البقرة / ٢٠٥]، يتناول الحرثين.
حرج
أصل الحَرَج والحراج مجتمع الشيئين، وتصوّر منه ضيق ما بينهما، فقيل للضيّق : حَرَج، وللإثم حَرَج، قال تعالى : ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً [النساء / ٦٥]، وقال عزّ وجلّ :
وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج / ٧٨]، وقد حرج صدره، قال تعالى :
يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً [الأنعام / ١٢٥]،
(١) انظر باب تفاوت أحوال المتناولين لأعراض الدنيا وما بعده في كتابه (الذريعة إلى مكارم الشريعة) ص ٢١٠ - ٢١١. [.....]
(٢) الحديث عن ابن مسعود عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم قال :«أحبّ الأسماء إلى اللّه ما تعبّد له، وأصدق الأسماء همّام وحارث» أخرجه الشيرازي في الألقاب والطبراني. قال في فتح الباري : في إسناده ضعف. راجع الفتح الكبير ١ / ٤٦ وكشف الخفاء ١ / ٥١. وعن أبي وهب الجشمي قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :«تسمّوا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى اللّه عبد اللّه وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام» أخرجه أبو داود، وانظر : معالم السنن ٤ / ١٢٦، والترغيب والترهيب ٣ / ٨٥.
(٣) ورد بمعناه عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم فيما رواه أنس عنه قال :«أصلحوا دنياكم واعملوا لآخرتكم كأنكم تموتون غدا» أخرجه في الفردوس، وأخرجه ابن قتيبة من كلام عمرو بن العاص ولم يرفعه. انظر عيون الأخبار ٣ / ٢٤٤.
راجع : الفتح الكبير للسيوطي ١ / ١٩٠، وكشف الخفاء ١ / ٤١٢.
(٤) انظر غريب الحديث لأبي عبيد ٤ / ٢٩٥.