المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٤٥
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ [المؤمنون / ٥]، وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ [الأحزاب / ٣٥]، كناية عن العفّة، حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ
[النساء / ٣٤]، أي :
يحفظن عهد الأزواج عند غيبتهن بسبب أنّ اللّه تعالى يحفظهنّ، أي : يطّلع عليهنّ، وقرئ :
بِما حَفِظَ اللَّهُ «١» بالنصب، أي : بسبب رعايتهن حقّ اللّه تعالى لا لرياء وتصنّع منهن، وفَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً
[الشورى / ٤٨]، أي : حافظا، كقوله : وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ [ق / ٤٥]، وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ [الأنعام / ١٠٧]، فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً [يوسف / ٦٤]، وقرئ : حفظا «٢» أي : حفظه خير من حفظ غيره، وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ [ق / ٤]، أي : حافظ لأعمالهم فيكون حَفِيظٌ بمعنى حافظ، نحو قوله تعالى : اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ [الشورى / ٦]، أو معناه : محفوظ لا يضيع، كقوله تعالى : عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى [طه / ٥٢]، والحِفَاظ : المُحَافَظَة، وهي أن يحفظ كلّ واحد الآخر، وقوله عزّ وجل : وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ
[المؤمنون / ٩]، فيه تنبيه أنهم يحفظون الصلاة بمراعاة أوقاتها ومراعاة أركانها، والقيام بها في غاية ما يكون من الطوق، وأنّ الصلاة تحفظهم الحفظ الذي نبّه عليه في قوله : إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت / ٤٥]، والتَحَفُّظ : قيل : هو قلّة الغفلة «٣»، وحقيقته إنما هو تكلّف الحفظ لضعف القوة الحافظة، ولمّا كانت تلك القوة من أسباب العقل توسّعوا في تفسيرها كما ترى. والحَفِيظَة :
الغضب الذي تحمل عليه المحافظة أي : ما يجب عليه أن يحفظه ويحميه. ثم استعمل في الغضب المجرّد، فقيل : أَحْفَظَنِي فلان، أي :
أغضبني.
حفى
الإحفاء في السؤال : التّترّع «٤» في الإلحاح في المطالبة، أو في البحث عن تعرّف الحال، وعلى الوجه الأول يقال : أَحْفَيْتُ السؤال، وأَحْفَيْتُ فلانا في السؤال، قال اللّه تعالى : إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا [محمد / ٣٧]، وأصل ذلك من : أَحْفَيْتُ الدابة : جعلتها حافيا، أي : منسحج «٥» الحافر، والبعير : جعلته منسحج
(١) وبها قرأ أبو جعفر المدني. انظر : الإتحاف ص ١٨٩.
(٢) وهي قراءة نافع وأبي جعفر وابن عامر وأبي عمرو ويعقوب وشعبة عن عاصم. انظر : الإتحاف ص ٢٦٦.
(٣) انظر : المجمل ١ / ٢٤٤، والبصائر ٢ / ٤٨١.
(٤) التّترّع : التسرّع.
(٥) أي مقشّر الحافر، يقال : سحجت جلده فانسحج، أي : قشرته فانقشر.