المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٤٦
الخفّ من المشي حتى يرقّ، وقد حَفِيَ «١» حَفاً وحَفْوَة، ومنه : أَحْفَيْتُ الشّارب : أخذته أخذا متناهيا، والحَفِيُّ : البرّ اللطيف في قوله عزّ وجلّ : إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا [مريم / ٤٧]، ويقال : حَفَيْتُ بفلان وتَحَفَّيْتُ به : إذا عنيت بإكرامه، والحَفِيّ : العالم بالشيء.
حقَ
أصل الحَقّ : المطابقة والموافقة، كمطابقة رجل الباب في حقّه «٢» لدورانه على استقامة.
والحقّ يقال على أوجه :
الأول : يقال لموجد الشيء بسبب ما تقتضيه الحكمة، ولهذا قيل في اللّه تعالى : هو الحقّ «٣»، قال اللّه تعالى : وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ «٤»، وقيل بعيد ذلك : فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ [يونس / ٣٢].
والثاني : يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة، ولهذا يقال : فعل اللّه تعالى كلّه حق، نحو قولنا : الموت حق، والبعث حق، وقال تعالى : هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً [يونس / ٥]، إلى قوله : ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ [يونس / ٥]، وقال في القيامة : وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ [يونس / ٥٣]، ولَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ [البقرة / ١٤٦]، وقوله عزّ وجلّ : الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ [البقرة / ١٤٧]، وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ [البقرة / ١٤٩].
والثالث : في الاعتقاد للشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه، كقولنا : اعتقاد فلان في البعث والثواب والعقاب والجنّة والنّار حقّ، قال اللّه تعالى : فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ [البقرة / ٢١٣].
والرابع : للفعل والقول بحسب ما يجب وبقدر ما يجب، وفي الوقت الذي يجب، كقولنا :
فعلك حقّ وقولك حقّ، قال تعالى : كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ [يونس / ٣٣]، وحَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ [السجدة / ١٣]، وقوله عزّ وجلّ : وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ [المؤمنون / ٧١]، يصح أن يكون المراد به اللّه تعالى، ويصحّ أن يراد به الحكم الذي هو بحسب مقتضى الحكمة. ويقال : أَحققْتُ كذا، أي : أثبتّه حقا، أو حكمت بكونه حقا، وقوله
(١) انظر : الأفعال ١ / ٣٧٤.
(٢) هي عقب الباب.
(٣) راجع : الأسماء والصفات ص ٢٦.
(٤) سورة يونس آية ٣٠.