المفردات في غريب القرآن، ص : ٢٨٨
لتولّد ذلك الفعل منه، كمن يرمي صيدا فأصاب إنسانا، أو شرب مسكرا فجنى جناية في سكره، والسبب سببان : سبب محظور فعله، كشرب المسكر وما يتولّد عنه من الخطإ غير متجاف عنه، وسبب غير محظور، كرمي الصّيد، قال تعالى :
وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب / ٥]، وقال تعالى :
وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً
[النساء / ١١٢]، فالخطيئة هاهنا هي التي لا تكون عن قصد إلى فعله، قال تعالى : وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا [نوح / ٢٤]، مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ [نوح / ٢٥]، إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا [الشعراء / ٥١]، وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ [العنكبوت / ١٢]، وقال تعالى : وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشعراء / ٨٢]، والجمع الخطيئات والخطايا، وقوله تعالى : نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ [البقرة / ٥٨]، فهي المقصود إليها، والخاطِئُ «١» هو القاصد للذّنب، وعلى ذلك قوله : وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ [الحاقة / ٣٦ - ٣٧]، وقد يسمّى الذّنب خَاطِئَةً في قوله تعالى : وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ [الحاقة / ٩]، أي :
الذنب العظيم، وذلك نحو قولهم : شعر شاعر.
فأما ما لم يكن مقصودا فقد ذكر عليه السلام أنّه متجافى عنه، وقوله تعالى : نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ [البقرة / ٥٨]، فالمعنى ما تقدّم.
خطو
خَطَوْتُ أَخْطُو خَطْوَةً، أي : مرّة، والخُطْوَة ما بين القدمين «٢»، قال تعالى : وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ
[البقرة / ١٦٨]، أي : لا تتّبعوه، وذلك نحو قوله : وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى [ص / ٢٦].
خف
الخَفِيف : بإزاء الثّقيل، ويقال ذلك تارة باعتبار المضايفة بالوزن، وقياس شيئين أحدهما بالآخر، نحو : درهم خفيف، ودرهم ثقيل.
والثاني : يقال باعتبار مضايفة الزّمان، نحو : فرس خفيف، وفرس ثقيل : إذا عدا أحدهما أكثر من الآخر في زمان واحد. الثالث : يقال خفيف فيما يستحليه الناس، وثقيل فيما يستوخمه، فيكون الخفيف مدحا، والثقيل ذمّا، ومنه قوله تعالى :
الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ
[الأنفال / ٦٦]، فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ [البقرة / ٨٦]، وأرى أنّ

_
(١) قال الأموي : المخطئ من أراد الصواب فصار إلى غيره، والخاطئ من تعمد لما لا ينبغي. انظر : العباب (خطأ).
(٢) قال ابن المرحّل :
وخطوة بالفتح نقل القدمين وخطوة مضمومة ما بين تين
وجمع الأول خطاء، والخطى جمع الأخير، وبضمّ ضبطا


الصفحة التالية
Icon