المفردات في غريب القرآن، ص : ٣١٠
دخن
الدّخان كالعثان «١» : المستصحب للّهيب، قال : ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ [فصلت / ١١]، أي : هي مثل الدّخان، إشارة إلى أنه لا تماسك لها، ودَخَنَتِ النار تَدْخُنُ : كثر دخانها «٢»، والدُّخْنَة منه، لكن تعورف فيما يتبخّر به من الطّيب. ودَخِنَ الطّبيخ : أفسده الدّخان «٣». وتصوّر من الدّخان اللّون، فقيل :
شاة دَخْنَاء، وذات دُخْنَةٍ، وليلة دَخْنَانَة، وتصوّر منه التّأذّي به، فقيل : هو دَخِنُ الخُلُقِ، وروي :
«هدنة على دَخَنٍ» «٤» أي : على فساد دخلة.
در
قال تعالى : وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً
[الأنعام / ٦]، يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً [نوح / ١١]، وأصله من الدَّرِّ والدِّرَّة، أي : اللّبن، ويستعار ذلك للمطر استعارة أسماء البعير وأوصافه، فقيل : للّه دَرُّه، ودَرَّ دَرُّكَ. ومنه استعير قولهم للسّوق : دِرَّةٌ، أي : نفاق «٥»، وفي المثل : سبقت درّته غراره «٦»، نحو : سبق سيله مطره «٧». ومنه اشتقّ : استدرّت المعزى، أي :
طلبت الفحل، وذلك أنها إذا طلبت الفحل حملت، وإذا حملت ولدت، فإذا ولدت درّت، فكنّي عن طلبها الفحل بالاستدرار.
درج
الدّرجة نحو المنزلة، لكن يقال للمنزلة : درجة إذا اعتبرت بالصّعود دون الامتداد على البسيطة، كدرجة السّطح والسّلّم، ويعبّر بها عن المنزلة الرفيعة : قال تعالى : وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة / ٢٢٨]، تنبيها لرفعة منزله الرجال عليهنّ في العقل والسّياسة، ونحو ذلك من المشار إليه بقوله : الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ...
الآية [النساء / ٣٤]، وقال : لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ [الأنفال / ٤]، وقال : هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ [آل عمران / ١٦٣]، أي : هم ذوو درجات
(١) قال ابن منظور : العثان والعثن : الدخان، والجمع : عواثن على غير قياس، وكذلك جمع الدّخان دواخن، والدواخن والعواثن لا يعرف لهما نظير. اللسان (عثن).
(٢) انظر : الأفعال ٣ / ٢٩٠.
(٣) انظر : الأفعال ٣ / ٣٣٠.
(٤) الحديث عن حذيفة وفيه : قلت : يا رسول اللّه، أيكون بعد هذا الخير شرّ كما كان قبله شر؟ قال : نعم، قلت : فما العصمة يا رسول اللّه؟ قال : السيف، قلت : وهل بعد السيف بقيّة؟ قال :«نعم، تكون إمارة على أقذاء، وهدنة على دخن...» إلى آخر الحديث، أخرجه أبو داود برقم (٤٢٤٤) في كتاب الفتن، وأحمد في المسند ٥ / ٣٨٦، والحاكم ٤ / ٤٢٣ وصححه ووافقه الذهبي، وانظر : شرح السنة ١٥ / ٩ - ١٠.
(٥) انظر : المجمل ٢ / ٣١٧.
(٦) الغرار : قلّة اللبن، والدّرة : كثرته، أي : سبق شرّه خيره. ومثله : سبق مطره سيله، يضرب لمن يسبق تهديده فعله.
انظر : مجمع الأمثال ١ / ٣٣٦، وأساس البلاغة ص ٣٢٢، والأمثال ص ٣٠٨.
(٧) انظر أمثال أبي عبيد ص ٣٠٥.