المفردات في غريب القرآن، ص : ٣١١
عند اللّه، ودرجات النجوم تشبيها بما تقدّم.
ويقال لقارعة الطّريق : مَدْرَجَة، ويقال : فلان يتدرّج في كذا، أي : يتصعّد فيه درجة درجة، ودَرَجَ الشيخ والصّبيّ دَرَجَاناً : مشى مشية الصاعد في درجه. والدَّرْجُ : طيّ الكتاب والثّوب، ويقال للمطويّ : دَرْجٌ. واستعير الدَّرْج للموت، كما استعير الطيّ له في قولهم : طوته المنيّة، وقولهم : من دبّ ودرج، أي : من كان حيّا فمشى، ومن مات فطوى أحواله، وقوله :
سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ
[الأعراف / ١٨٢]، قيل معناه : سنطويهم طيّ الكتاب، عبارة عن إغفالهم نحو : وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا [الكهف / ٢٨]، والدَّرَجُ : سفط يجعل فيه الشيء، والدُّرْجَة : خرقة تلفّ فتدخل في حياء «١» الناقة، وقيل :
سَنَسْتَدْرِجُهُمْ معناه : نأخذهم درجة فدرجة، وذلك إدناؤهم من الشيء شيئا فشيئا، كالمراقي والمنازل في ارتقائها ونزولها. والدُّرَّاج : طائر يدرج في مشيته.
درس
دَرَسَ الدّار معناه : بقي أثرها، وبقاء الأثر يقتضي انمحاءه في نفسه، فلذلك فسّر الدُّرُوس بالانمحاء، وكذا دَرَسَ الكتابُ، ودَرَسْتُ العلم :
تناولت أثره بالحفظ، ولمّا كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبّر عن إدامة القراءة بالدّرس، قال تعالى : وَدَرَسُوا ما فِيهِ
[الأعراف / ١٦٩]، وقال : بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ
[آل عمران / ٧٩]، وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها [سبأ / ٤٤]، وقوله تعالى :
وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ
[الأنعام / ١٠٥]، وقرئ :
دَارَسْتَ «٢» أي : جاريت أهل الكتاب، وقيل : وَدَرَسُوا ما فِيهِ [الأعراف / ١٦٩]، تركوا العمل به، من قولهم : دَرَسَ القومُ المكان، أي : أبلوا أثره، ودَرَسَتِ المرأةُ : كناية عن حاضت، ودَرَسَ البعيرُ : صار فيه أثر جرب.
درك
الدَّرْكُ كالدّرج، لكن الدّرج يقال اعتبارا بالصّعود، والدّرك اعتبارا بالحدور، ولهذا قيل :
درجات الجنّة، ودَرَكَات النار، ولتصوّر الحدور في النار سمّيت هاوية، وقال تعالى : إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [النساء / ١٤٥]، والدّرك «٣» أقصى قعر البحر.
ويقال للحبل الذي يوصل به حبل
(١) الحياء : رحم الناقة، وإنما سمّي حياء باسم الحياء، من الاستحياء، لأنه يستر من الآدمي ويكنى عنه من الحيوان، ويستفحش التصريح بذكره واسمه الموضوع له. راجع : اللسان (حيا) ١٤ / ٢١٩. [.....]
(٢) وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو. راجع : الإتحاف ص ٢١٤.
(٣) بفتح الراء، وهو أشهر، وتسكينها. القاموس.