المفردات في غريب القرآن، ص : ٣١٢
آخر ليدرك الماء دَرَكٌ، ولما يلحق الإنسان من تبعة دَرَكٌ «١» كالدّرك في البيع «٢». قال تعالى : لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى [طه / ٧٧]، أي :
تبعة. وأَدْرَكَ : بلغ أقصى الشيء، وأَدْرَكَ الصّبيّ :
بلغ غاية الصّبا، وذلك حين البلوغ، قال :
حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ [يونس / ٩٠]، وقوله : لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ [الأنعام / ١٠٣]، فمنهم من حمل ذلك على البصر الذي هو الجارحة، ومنهم من حمله على البصيرة، وذكر أنه قد نبّه به على ما روي عن أبي بكر رضي اللّه عنه في قوله :(يا من غاية معرفته القصور عن معرفته) إذ كان غاية معرفته تعالى أن تعرف الأشياء فتعلم أنه ليس بشيء منها، ولا بمثلها بل هو موجد كلّ ما أدركته. والتَّدَارُكُ في الإغاثة والنّعمة أكثر، نحو قوله تعالى : لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ [القلم / ٤٩]، وقوله :
حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً
[الأعراف / ٣٨]، أي : لحق كلّ بالآخر. وقال : بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ [النمل / ٦٦]، أي :
تدارك، فأدغمت التاء في الدال، وتوصّل إلى السكون بألف الوصل، وعلى ذلك قوله تعالى :
حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها [الأعراف / ٣٨]، ونحوه : اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ [التوبة / ٣٨]، واطَّيَّرْنا بِكَ [النمل / ٤٧]، وقرئ :
بل أدرك علمهم في الآخرة «٣»، وقال الحسن : معناه جهلوا أمر الآخرة «٤»، وحقيقته انتهى علمهم في لحوق الآخرة فجهلوها. وقيل معناه :
بل يدرك علمهم ذلك في الآخرة، أي : إذا حصلوا في الآخرة، لأنّ ما يكون ظنونا في الدّنيا، فهو في الآخرة يقين.
درهم
قال تعالى : وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ
[يوسف / ٢٠]، الدّرهم : الفضّة المطبوعة المتعامل بها.
درى
الدّراية : المعرفة المدركة بضرب من الحيل، يقال : دَرَيْتُهُ، ودَرَيْتُ به، دِرْيَةً، نحو : فطنة، وشعرة، وادَّرَيْتُ قال الشاعر :
١٥٦ -
وما ذا يدّري الشّعراء منّي وقد جاوزت رأس الأربعين
«٥» والدَّرِيَّة : لما يتعلّم عليه الطّعن، وللناقة التي ينصبها الصائد ليأنس بها الصّيد، فيستتر من ورائها فيرميه، والمِدْرَى : لقرن الشاة، لكونها دافعة به عن نفسها، وعنه استعير المُدْرَى لما

_
(١) الدّرك : التبعة، يسكّن ويحرّك، يقال : ما لحقك من درك فعليّ خلاصه. انظر : اللسان (درك).
(٢) ومنه : ضمان الدرك في عهدة البيع.
(٣) سورة النمل : آية ٦٦، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وأبي جعفر ويعقوب.
(٤) أخرجه ابن جرير ٢٠ / ٧ عن ابن زيد.
(٥) البيت لسحيم بن وثيل الرياحي. وهو في البصائر ٢ / ٥٩٧، والمجمل ٢ / ٣٥٤، واللسان (درى).


الصفحة التالية
Icon