المفردات في غريب القرآن، ص : ٣٣٤
أي : التي حفرت والتي طويت، وأما (ذا) في (هذا) فإشارة إلى شيء محسوس، أو معقول، ويقال في المؤنّث : ذه وذي وتا، فيقال : هذه وهذي، وهاتا، ولا تثنّى منهنّ إلّا هاتا، فيقال :
هاتان. قال تعالى : أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ [الإسراء / ٦٢]، هذا ما تُوعَدُونَ [ص / ٥٣]، هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ [الذاريات / ١٤]، إِنْ هذانِ لَساحِرانِ [طه / ٦٣]، إلى غير ذلك هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ [الطور / ١٤]، هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ [الرحمن / ٤٣]، ويقال بإزاء هذا في المستبعد بالشخص أو بالمنزلة :(ذَاكَ) و(ذلك) قال تعالى : الم ذلِكَ الْكِتابُ [البقرة / ١ - ٢]، ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ [الكهف / ١٧]، ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى [الأنعام / ١٣١]، إلى غير ذلك. وقولهم :(ما ذا) يستعمل على وجهين :
أحدهما. أن يكون (ما) مع (ذا) بمنزلة اسم واحد، والآخر : أن يكون (ذا) بمنزلة (الذي)، فالأوّل نحو قولهم : عمّا ذا تسأل؟ فلم تحذف الألف منه لمّا لم يكن ما بنفسه للاستفهام، بل كان مع ذا اسما واحدا، وعلى هذا قول الشاعر :
١٧٢ -
دعي ماذا علمت سأتّقيه
«١» أي : دعي شيئا علمته. وقوله تعالى :
وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ [البقرة / ٢١٩]، فإنّ من قرأ : قُلِ الْعَفْوَ «٢» بالنّصب فإنّه جعل الاسمين بمنزلة اسم واحد، كأنّه قال : أيّ شيء ينفقون؟ ومن قرأ : قُلِ الْعَفْوَ «٣» بالرّفع، فإنّ (ذا) بمنزلة الذي، وما للاستفهام أي : ما الذي ينفقون؟ وعلى هذا قوله تعالى : ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ؟ قالُوا : أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [النحل / ٢٤]، و(أساطير) بالرّفع والنصب «٤».
ذيب
الذيب : الحيوان المعروف، وأصله الهمز، قال تعالى : فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ
[يوسف / ١٧]، وأرض مَذْأَبَة : كثيرة الذّئاب، وذُئِبَ فلان : وقع في غنمه الذّئب، وذَئِبَ «٥» : صار كذئب في خبثه، وتَذَاءَبَتِ الرّيحُ : أتت من كلّ جانب
(١) هذا شطر بيت، وعجزه :
ولكن بالمغيّب نبئيني
وهو من شواهد سيبويه ١ / ٤٠٥، ولم يعرف قائله، وهو في الخزانة ٦ / ١٤٢، واللسان (ذا)، وهمع الهوامع ١ / ٨٤.
(٢) وبها قرأ جميع القراء إلا أبا عمرو. انظر : الإتحاف ص ١٥٧.
(٣) وهي قراءة أبي عمرو.
(٤) وقراءة الرفع هي الصحيحة المتواترة. وبها قرأ القرّاء العشر، أمّا قراءة النصب فهي شاذة.
(٥) قال الفيروزآبادي : وذؤب الرجل وذئب ككرم وفرح : خبث وصار كالذئب. انظر : البصائر ٣ / ٢٧.