المفردات في غريب القرآن، ص : ٣٤٧
رحل
الرَّحْلُ ما يوضع على البعير للرّكوب، ثم يعبّر به تارة عن البعير، وتارة عمّا يجلس عليه في المنزل، وجمعه رِحَالٌ. وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ
[يوسف / ٦٢]، والرِّحْلَةُ : الِارْتِحَالُ. قال تعالى : رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ
[قريش / ٢]، وأَرْحَلْتُ البعير :
وضعت عليه الرّحل، وأَرْحَلَ البعيرُ : سمن، كأنّه صار على ظهره رحل لسمنه وسنامه، ورَحَلْتُهُ :
أظعنته، أي : أزلته عن مكانه. والرَّاحِلَةُ : البعير الذي يصلح لِلِارْتِحَالِ. ورَاحَلَهُ : عاونه على رِحْلَتِهِ، والْمُرَحَّلُ برد عليه صورة الرّحال.
رحم
الرَّحِمُ : رَحِمُ المرأة، وامرأة رَحُومٌ تشتكي رحمها. ومنه استعير الرَّحِمُ للقرابة، لكونهم خارجين من رحم واحدة، يقال : رَحِمٌ ورُحْمٌ.
قال تعالى : وَأَقْرَبَ رُحْماً [الكهف / ٨١]، والرَّحْمَةُ رقّة تقتضي الإحسان إلى الْمَرْحُومِ، وقد تستعمل تارة في الرّقّة المجرّدة، وتارة في الإحسان المجرّد عن الرّقّة، نحو : رَحِمَ اللّه فلانا. وإذا وصف به الباري فليس يراد به إلّا الإحسان المجرّد دون الرّقّة، وعلى هذا روي أنّ الرَّحْمَةَ من اللّه إنعام وإفضال، ومن الآدميّين رقّة وتعطّف. وعلى هذا قول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم ذاكرا عن ربّه «أنّه لمّا خلق الرَّحِمَ قال له : أنا الرّحمن، وأنت الرّحم، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته، ومن قطعك بتتّه» «١» فذلك إشارة إلى ما تقدّم، وهو أنّ الرَّحْمَةَ منطوية على معنيين : الرّقّة والإحسان، فركّز تعالى في طبائع الناس الرّقّة، وتفرّد بالإحسان، فصار كما أنّ لفظ الرَّحِمِ من الرّحمة، فمعناه الموجود في الناس من المعنى الموجود للّه تعالى، فتناسب معناهما تناسب لفظيهما. والرَّحْمَنُ والرَّحِيمُ، نحو : ندمان ونديم، ولا يطلق الرَّحْمَنُ إلّا على اللّه تعالى من حيث إنّ معناه لا يصحّ إلّا له، إذ هو الذي وسع كلّ شيء رَحْمَةً، والرَّحِيمُ يستعمل في غيره وهو الذي كثرت رحمته، قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة / ١٨٢]، وقال في صفة النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم : لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [التوبة / ١٢٨]، وقيل : إنّ اللّه تعالى : هو رحمن الدّنيا، ورحيم الآخرة، وذلك أنّ إحسانه في الدّنيا يعمّ المؤمنين والكافرين، وفي الآخرة يختصّ بالمؤمنين، وعلى هذا قال :

_
(١) الحديث، عن عبد الرحمن بن عوف قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول :«قال اللّه : أنا اللّه، وأنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته» أخرجه الترمذي وقال : حديث صحيح، انظر : عارضة الأحوذي ٨ / ١٠، وأخرجه الحاكم ٤ / ١٥٧ وصححه، ووافقه الذهبي، وأحمد برقم ١٦٨٠، وأبو داود في الزكاة برقم ١٦٩٤، باب صلة الرحم. وانظر : شرح السنة ١ / ١٧٩ - ١٨٠.


الصفحة التالية
Icon