المفردات في غريب القرآن، ص : ٤٠٠
فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ
«١». [طه / ٦١]، وقرئ :
فَيَسْحِتَكُمْ يقال : سَحَتَهُ وأَسْحَتَهُ، ومنه :
السَّحْتُ والسُّحْتُ للمحظور الذي يلزم صاحبه العار، كأنه يسحت دينه ومروءته، قال تعالى :
أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ
[المائدة / ٤٢]، أي : لما يسحت دينهم. وقال عليه السلام :«كلّ لحم نبت من سحت فالنّار أولى به» «٢»، وسمّي الرّشوة سحتا لذلك، وروي «كسب الحجّام سحت» «٣» فهذا لكونه سَاحِتاً للمروءة لا للدّين، ألا ترى أنه أذن عليه السلام في إعلافه الناضح وإطعامه المماليك «٤».
سحر
السَّحَرُ «٥» : طرف الحلقوم، والرّئة، وقيل :
انتفخ سحره، وبعير سَحِيرٌ : عظيم السَّحَرِ، والسُّحَارَةُ : ما ينزع من السّحر عند الذّبح فيرمى به، وجعل بناؤه بناء النّفاية والسّقاطة. وقيل : منه اشتقّ السِّحْرُ، وهو : إصابة السّحر. والسِّحْرُ يقال على معان :
الأوّل : الخداع وتخييلات لا حقيقة لها، نحو ما يفعله المشعبذ بصرف الأبصار عمّا يفعله لخفّة يد، وما يفعله النمّام بقول مزخرف عائق للأسماع، وعلى ذلك قوله تعالى :
سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ
[الأعراف / ١١٦]، وقال : يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ
[طه / ٦٦]، وبهذا النّظر سمّوا موسى عليه السلام سَاحِراً فقالوا : يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ [الزخرف / ٤٩].
والثاني : استجلاب معاونة الشّيطان بضرب من التّقرّب إليه، كقوله تعالى :
هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [الشعراء / ٢٢١ - ٢٢٢]، وعلى ذلك قوله تعالى : وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة /

_
(١) وهي قراءة حفص وحمزة والكسائي ورويس وخلف، وقرأ الباقون فَيُسْحِتَكُمْ. الإتحاف ٣٠٤. [.....]
(٢) الحديث عن أبي بكر عن النبي قال :«كلّ جسد نبت من سحت فالنار أولى به» أخرجه البيهقي وأبو نعيم، قال المناوي : وسنده ضعيف، والمشهور على الألسنة :«كلّ لحم نبت من الحرام فالنّار أولى به». راجع : كشف الخفاء ٢ / ١٢١.
(٣) الحديث :«كسب الحجام خبيث» أخرجه أحمد في المسند ٣ / ٣٦٤، وأبو داود برقم (٣٤٢١)، والترمذي عن رافع بن خديج. وخبثه لا يقتضي حرمته، فقد احتجم عليه السلام وأعطى الحجام أجرته. انظر : كشف الخفاء ٢ / ١١٠.
(٤) عن ابن محيصة أحد بني حارثة عن أبيه أنه استأذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في إجارة الحجّام فنهاه، فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال :«اعلفه ناضحك، أو أطعمه رقيقك» رواه الشافعي ٢ / ١٤٧، والموطأ ٢ / ٩٧٤، والترمذي برقم ١٢٧٧، وابن ماجة برقم (٢١٦٦)، وقال الحافظ في الفتح : رجاله ثقات، وانظر : شرح السنة ٨ / ١٩.
(٥) السّحر والسّحر والسّحر : ما التزق بالحلقوم والمريء من أعلى البطن. اللسان (سحر).


الصفحة التالية
Icon