المفردات في غريب القرآن، ص : ٤١٧
بالسّكون العارض من السّكر.
سكن
السُّكُونُ : ثبوت الشيء بعد تحرّك، ويستعمل في الاستيطان نحو : سَكَنَ فلان مكان كذا، أي :
استوطنه، واسم المكان مَسْكَنُ، والجمع مَسَاكِنُ، قال تعالى : لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ [الأحقاف / ٢٥]، وقال تعالى : وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ
[الأنعام / ١٣]، ولِتَسْكُنُوا فِيهِ
[يونس / ٦٧]، فمن الأوّل يقال : سكنته، ومن الثاني يقال : أَسْكَنْتُهُ نحو قوله تعالى :
رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي [إبراهيم / ٣٧]، وقال تعالى : أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ
[الطلاق / ٦]، وقوله تعالى : وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ [المؤمنون / ١٨]، فتنبيه منه على إيجاده وقدرته على إفنائه، والسَّكَنُ : السّكون وما يُسْكَنُ إليه، قال تعالى : وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً [النحل / ٨٠]، وقال تعالى :
إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ
[التوبة / ١٠٣]، وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً [الأنعام / ٩٦]، والسَّكَنُ : النّار الّتي يسكن بها، والسُّكْنَى : أن يجعل له السّكون في دار بغير أجرة، والسَّكْنُ :
سُكَّانُ الدّار، نحو سفر في جمع سافر، وقيل في جمع ساكن : سُكَّانٌ، وسكّان السّفينة : ما يسكّن به، والسِّكِّينُ سمّي لإزالته حركة المذبوح، وقوله تعالى : أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ
[الفتح / ٤]، فقد قيل : هو ملك يُسَكِّنُ قلب المؤمن ويؤمّنه «١»، كما روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال :(إنّ السَّكِينَةَ لتنطق على لسان عمر) «٢»، وقيل : هو العقل، وقيل له سكينة إذا سكّن عن الميل إلى الشّهوات، وعلى ذلك دلّ قوله تعالى : وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ [الرعد / ٢٨]. وقيل : السَّكِينَةُ والسَّكَنُ واحد، وهو زوال الرّعب، وعلى هذا قوله تعالى : أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة / ٢٤٨]، وما ذكر أنّه شيء رأسه كرأس الهرّ فما أراه قولا يصحّ «٣». والْمِسْكِينُ قيل : هو الذي لا شيء له، وهو أبلغ من الفقير،
(١) ويؤيد ذلك ما أخرجه أحمد والبخاري ومسلم عن أبي العالية قال : قرأ رجل سورة الكهف وفي الدار دابة، فجعلت تنفر، فينظر فإذا صبابة أو سحابة قد غشيته، فذكر للنبي صلّى اللّه عليه وسلم قال :«اقرأ فلان، فإنها السكينة نزلت للقرآن». وفي رواية :«تلك الملائكة كانت تستمع لك، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم».
انظر : الدر المنثور ٥ / ٣٥٤، وتفسير القرطبي ٣ / ٢٤٩، وفتح الباري ٩ / ٥٧.
(٢) وهذا مرويّ عن ابن مسعود، بلفظ :«كنّا أصحاب محمد لا نشك أن السكينة تكلّم على لسان عمر». انظر : النهاية ٢ / ٣٨٦، والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص ٢٩.
(٣) وهذا مرويّ عن مجاهد أنه قال : السّكينة من اللّه كهيئة الهرّ، لها وجه كوجه الهرّ وجناحان وذنب مثل ذنب الهر.
انظر : الدر المنثور ١ / ٧٥٨. وغرائب التفسير ١ / ٢٢٢. وهذا أشبه بروايات الإسرائيليات. واللّه أعلم.