المفردات في غريب القرآن، ص : ٤٢٣
عليهم، ويدعى لهم. وقال تعالى : فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ
[النور / ٦١]، أي :
ليسلّم بعضكم على بعض. والسَّلَامُ والسِّلْمُ والسَّلَمُ : الصّلح قال : وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً
«١» [النساء / ٩٤]، وقيل : نزلت فيمن قتل بعد إقراره بالإسلام ومطالبته بالصّلح «٢» وقوله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً
[البقرة / ٢٠٨]، وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ
[الأنفال / ٦١]، وقرئ لِلسَّلْمِ
«٣» بالفتح، وقرئ : وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ «٤»، وقال : يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ
[القلم / ٤٣]، أي :
مُسْتَسْلِمُونَ، وقوله : ورجلا سالما لرجل «٥» وقرئ سلما و(سَلَماً)
«٦»، وهما مصدران، وليسا بوصفين كحسن ونكد. يقول : سَلِمَ سَلَماً وسِلْماً، وربح ربحا وربحا. وقيل : السِّلْمُ اسم بإزاء حرب، والْإِسْلَامُ : الدّخول في السّلم، وهو أن يسلم كلّ واحد منهما أن يناله من ألم صاحبه، ومصدر أسلمت الشيء إلى فلان : إذا أخرجته إليه، ومنه : السَّلَمُ في البيع. والْإِسْلَامُ في الشّرع على ضربين :
أحدهما : دون الإيمان، وهو الاعتراف باللسان، وبه يحقن الدّم، حصل معه الاعتقاد أو لم يحصل، وإيّاه قصد بقوله : قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا
[الحجرات / ١٤].
والثاني : فوق الإيمان، وهو أن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب، ووفاء بالفعل، واستسلام للّه في جميع ما قضى وقدّر، كما ذكر عن إبراهيم عليه السلام في قوله : إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [البقرة / ١٣١]، وقوله تعالى : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ [آل عمران / ١٩].
وقوله : تَوَفَّنِي مُسْلِماً
[يوسف / ١٠١]، أي : اجعلني ممّن استسلم لرضاك، ويجوز أن يكون معناه : اجعلني سالما عن أسر الشّيطان حيث قال : لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [الحجر / ٤٠]، وقوله : إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ [النمل / ٨١]، أي : منقادون للحقّ مذعنون له.
(١) وهي قراءة نافع وابن عامر وحمزة وأبي جعفر وخلف. الإتحاف ١٩٣.
(٢) راجع : الدر المنثور ٢ / ٦٣٢ - ٦٣٤.
(٣) وهي قراءة الجميع إلا شعبة. انظر : إرشاد المبتدي وتذكرة المنتهي ص ٣٤٨.
(٤) سورة النحل : آية ٨٧، وهي قراءة حفص.
(٥) سورة الزمر : آية ٢٩، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب.
(٦) وقرأ الباقون سَلَماً، أما قراءة (سلما) فهي شاذة، قرأ بها سعيد بن جبير. انظر : الإتحاف ٣٧٥، والبحر المحيط ٧ / ٤٢٤.