المفردات في غريب القرآن، ص : ٤٢٤
وقوله : يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا [المائدة / ٤٤]، أي : الذين انقادوا من الأنبياء الذين ليسوا من العزم لأولي العزم الذين يهتدون بأمر اللّه، ويأتون بالشّرائع. والسُّلَّمُ : ما يتوصّل به إلى الأمكنة العالية، فيرجى به السّلامة، ثمّ جعل اسما لكلّ ما يتوصّل به إلى شيء رفيع كالسّبب، قال تعالى : أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ [الطور / ٣٨]، وقال : أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ [الأنعام / ٣٥]، وقال الشاعر :
٢٤٢ -
ولو نال أسباب السماء بسلّم
«١» والسَّلْمُ والسَّلَامُ : شجر عظيم، كأنه سمّي لاعتقادهم أنه سليم من الآفات، والسِّلَامُ :
الحجارة الصّلبة.
سلا
قال تعالى : وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى
[البقرة / ٥٧]، أصلها ما يُسَلِّي الإنسانَ، ومنه : السُّلْوَانُ والتَّسَلِّي، وقيل : السَّلْوَى : طائر كالسّمانى. قال ابن عباس : المنّ الذي يسقط من السماء، والسَّلْوَى : طائر «٢»، قال بعضهم : أشار ابن عباس بذلك إلى ما رزق اللّه تعالى عباده من اللّحوم والنّبات وأورد بذلك مثالا، وأصل السّلوى من التّسلّي، يقال : سَلَّيْتُ عن كذا، وسَلَوْتُ عنه وتَسَلَّيْتُ : إذا زال عنك محبّته.
قيل : والسُّلْوَانُ : ما يسلّي، وكانوا يتداوون من العشق بخرزة يحكّونها ويشربونها، ويسمّونها السُّلْوَانَ.
سمم
السَّمُّ والسُّمُّ : كلّ ثقب ضيّق كخرق الإبرة، وثقب الأنف، والأذن، وجمعه سُمُومٌ. قال تعالى :
حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ
[الأعراف / ٤٠]، وقد سَمَّهُ، أي : دخل فيه، ومنه : السَّامَّةُ «٣» للخاصّة الذين يقال لهم :
الدّخلل «٤»، الذين يتداخلون في بواطن الأمر، والسّمّ القاتل، وهو مصدر في معنى الفاعل، فإنه بلطف تأثيره يدخل بواطن البدن، والسَّمُومُ :
الرّيح الحارّة التي تؤثّر تأثير السّمّ. قال تعالى :
وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ [الطور / ٢٧]، وقال :
فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ
[الواقعة / ٤٢]، وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ [الحجر / ٢٧].
سمد
السَّامِدُ : الّلاهي الرّافع رأسه، من قولهم : سَمَدَ

_
(١) هذا عجز بيت لزهير بن أبي سلمى، وشطره :
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه
وهو في ديوانه ص ٨٧.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١ / ١٧٨، وسنده ضعيف، وابن قتيبة في غريب القرآن ص ٥٠.
(٣) في اللسان : والسّامة : الخاصة، يقال : كيف السّامة والعامة؟
(٤) انظر : البصائر ٣ / ٢٥٦. [.....]


الصفحة التالية
Icon