المفردات في غريب القرآن، ص : ٤٢٦
كانوا يقولون ذلك للنبيّ صلّى اللّه عليه وسلم يوهمون أنهم يعظّمونه، ويدعون له وهم يدعون عليه بذلك.
وكلّ موضع أثبت اللّه السّمع للمؤمنين، أو نفى عن الكافرين، أو حثّ على تحرّيه فالقصد به إلى تصوّر المعنى والتّفكر فيه، نحو : أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها [الأعراف / ١٩٥]، ونحو : صُمٌّ بُكْمٌ [البقرة / ١٨]، ونحو :
فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ [فصلت / ٤٤]، وإذا وصفت اللّه تعالى بِالسَّمْعِ فالمراد به علمه بِالْمَسْمُوعَاتِ، وتحرّيه بالمجازاة بها نحو : قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها [المجادلة / ١]، لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا [آل عمران / ١٨١]، وقوله : إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ
[النمل / ٨٠]، أي : لا تفهمهم، لكونهم كالموتى في افتقادهم بسوء فعلهم القوّة العاقلة التي هي الحياة المختصّة بالإنسانيّة، وقوله : أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ
[الكهف / ٢٦]، أي : يقول فيه تعالى ذلك من وقف على عجائب حكمته، ولا يقال فيه : ما أبصره وما أسمعه، لما تقدّم ذكره أنّ اللّه تعالى لا يوصف إلّا بما ورد به السّمع وقوله في صفة الكفّار : أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا [مريم / ٣٨]، معناه : أنهم يسمعون ويبصرون في ذلك اليوم ما خفي عليهم، وضلّوا عنه اليوم لظلمهم أنفسهم، وتركهم النّظر، وقال : خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا [البقرة / ٩٣]، سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ
[المائدة / ٤٢]، أي : يسمعون منك لأجل أن يكذبوا، سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ [المائدة / ٤١]، أي : يسمعون لمكانهم، والِاسْتِمَاعُ : الإصغاء نحو : نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ، إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ
[الإسراء / ٤٧]، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ [محمد / ١٦]، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ [يونس / ٤٢]، وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ
[ق / ٤١]، وقوله : أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ [يونس / ٣١]، أي :
من الموجد لِأَسْمَاعِهِمْ، وأبصارهم، والمتولّي لحفظها؟ والْمِسْمَعُ والْمَسْمَعُ : خرق الأذن، وبه شبّه حلقة مسمع الغرب «١».
سمك
السَّمْكُ : سَمْكُ البيت، وقد سَمَكَهُ أي :
رفعه. قال : رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها
[النازعات / ٢٨]، وقال الشاعر :
٢٤٣ -
إنّ الذي سَمَكَ السماء بنى لنا
«٢»

_
(١) الغرب : الدلو العظيمة.
(٢) هذا شطر بيت للفرزدق، وعجزه :
بيتا دعائمه أعزّ وأطول
وهو في ديوانه ص ٤٨٩.


الصفحة التالية
Icon