المفردات في غريب القرآن، ص : ٤٥٤
وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة / ١٥٠]، ويقال : شَاطَرْتُهُ شِطَاراً، أي : ناصفته، وقيل :
شَطَرَ بصره، أي : نصّفه، وذلك إذا أخذ ينظر إليك وإلى آخر، وحلب فلان الدّهر أَشْطُرَهُ «١»، وأصله في الناقة أن يحلب خلفين، ويترك خلفين، وناقة شَطُورٌ : يبس خلفان من أخلافها، وشاة شَطُورٌ : أحد ضرعيها أكبر من الآخر، وشَطَرَ : إذا أخذ شَطْراً، أي : ناحية، وصار يعبّر بِالشَّاطِرِ عن البعيد، وجمعه : شُطُرٌ، نحو :
٢٦٧ -
أشاقك بين الخليط الشّطر
«٢» والشَّاطِرُ أيضا لمن يتباعد عن الحقّ، وجمعه : شُطَّارٌ.
شطن
الشَّيْطَانُ النون فيه أصليّة «٣»، وهو من : شَطَنَ أي : تباعد، ومنه : بئر شَطُونٌ، وشَطَنَتِ الدّار، وغربة شَطُونٌ، وقيل : بل النون فيه زائدة، من :
شَاطَ يَشِيطُ : احترق غضبا، فَالشَّيْطَانُ مخلوق من النار كما دلّ عليه قوله تعالى : وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ [الرحمن / ١٥]، ولكونه من ذلك اختصّ بفرط القوّة الغضبيّة والحميّة الذّميمة، وامتنع من السّجود لآدم، قال أبو عبيدة «٤» : الشّيطان اسم لكلّ عارم من الجنّ والإنس والحيوانات. قال تعالى : شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ [الأنعام / ١١٢]، وقال :
وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ
[الأنعام / ١٢١]، وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ
[البقرة / ١٤]، أي : أصحابهم من الجنّ والإنس، وقوله : كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ [الصافات / ٦٥]، قيل : هي حيّة خفيفة الجسم، وقيل : أراد به عارم الجنّ، فتشبّه به لقبح تصوّرها، وقوله : وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ
[البقرة / ١٠٢]، فهم مردة الجنّ، ويصحّ أن يكونوا هم مردة الإنس أيضا، وقال الشاعر :
٢٦٨ -
لو أنّ شيطان الذّئاب العسّل
«٥» جمع العاسل، وهو الذي يضطرب في

_
(١) يقال للشخص ذي التجربة الكثيرة الذي مرت عليه ضروب من خير وشر. وانظر : جواهر الألفاظ ص ٣٣٤، والبصائر ٣ / ٣١٩، وأساس البلاغة ص ٢٣٥، والمجمل ٢ / ٥٠٣.
(٢) شطر بيت لامرئ القيس، وعجزه :
وفيمن أقام من الحيّ هر
هكذا في اللسان :(شطر)، وفي ديوانه ص ٦٨ الرواية :
وفي من أقام من الحي هر أم الظاعنون بها في الشّطر
(٣) قال ابن منظور : والشيطان : فيعال من : شطن : إذا بعد، فيمن جعل النون أصلا، وقولهم : الشياطين دليل عن ذلك. اللسان (شطن).
(٤) انظر : مجاز القرآن ١ / ٣٢.
(٥) لم أجده.


الصفحة التالية
Icon