المفردات في غريب القرآن، ص : ٤٥٩
وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ
[الأنبياء / ٤٩]، فإذا عدّي (بمن) فمعنى الخوف فيه أظهر، وإذا عدّي ب (في) فمعنى العناية فيه أظهر. قال تعالى :
إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ [الطور / ٢٦]، مُشْفِقُونَ مِنْها [الشورى / ١٨]، مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا [الشورى / ٢٢]، أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا
[المجادلة / ١٣].
شفا
شَفَا البئر وغيرها : حرفه، ويضرب به المثل في القرب من الهلاك. قال تعالى : عَلى شَفا جُرُفٍ [التوبة / ١٠٩]، وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ [آل عمران / ١٠٣]، وأَشْفَى فلان على الهلاك، أي : حصل على شفاه، ومنه استعير : ما بقي من كذا إلّا شَفاً «١»، أي : قليل كشفا البئر. وتثنية شفا شَفَوَانِ، وجمعه أَشْفَاءٌ، والشِّفَاءُ من المرض : موافاة شفا السّلامة، وصار اسما للبرء. قال في صفة العسل : فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ
[النحل / ٦٩]، وقال في صفة القرآن :
هُدىً وَشِفاءٌ [فصلت / ٤٤]، وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ [يونس / ٥٧]، وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ
[التوبة / ١٤].
شق
الشَّقُّ : الخرم الواقع في الشيء. يقال :
شَقَقْتُهُ بنصفين. قال تعالى : ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا
[عبس / ٢٦]، يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً
[ق / ٤٤]، وَانْشَقَّتِ السَّماءُ
[الحاقة / ١٦]، إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ [الانشقاق / ١]، وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [القمر / ١]، وقيل : انْشِقَاقُهُ في زمن النّبيّ عليه الصلاة والسلام، وقيل : هو انْشِقَاقٌ يعرض فيه حين تقرب القيامة «٢»، وقيل معناه : وضح الأمر «٣»، والشِّقَّةُ : القطعة الْمُنْشَقَّةُ كالنّصف، ومنه قيل :
طار فلان من الغضب شِقَاقًا، وطارت منهم شِقَّةٌ، كقولك : قطع غضبا «٤». والشِّقُّ : الْمَشَقَّةُ والانكسار الذي يلحق النّفس والبدن، وذلك كاستعارة الانكسار لها. قال عزّ وجلّ : لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ
[النحل / ٧]، والشُّقَّةُ :
النّاحية التي تلحقك المشقّة في الوصول إليها، وقال : بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ [التوبة / ٤٢]، والشِّقَاقُ : المخالفة، وكونك في شِقٍّ غير شِقِ
(١) انظر : البصائر ٣ / ٣٣٠، وأساس البلاغة ص ٢٣٨، والمجمل ٢ / ٥٠٧.
(٢) وهذا قول الحسن البصري، انظر : تفسير الماوردي ٤ / ١٣٥.
(٣) وذلك لأنّ العرب تضرب بالقمر مثلا فيما وضح أمره، قال الشاعر :
أقيموا بني أمّي صدور مطيّكم فإني إلى قوم سواكم لأميل
فقد حمّت الحاجات، والليل مقمر وشدّت لطيّات مطايا وأرحل
انظر : تفسير الماوردي ٤ / ١٣٤.
(٤) انظر عمدة الحفاظ : شق.