المفردات في غريب القرآن، ص : ٤٧٨
لإصلاح قواه، وكذلك قوله : وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ
[التوبة / ١٤]، إشارة إلى اشتفائهم، وقوله : فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج / ٤٦]، أي : العقول التي هي مندرسة فيما بين سائر القوى وليست بمهتدية، واللّه أعلم بذلك، وبوجه الصواب فيه.
صدع
الصَّدْعُ : الشّقّ في الأجسام الصّلبة كالزّجاج والحديد ونحوهما. يقال : صَدَعْتُهُ فَانْصَدَعَ، وصَدَّعْتُهُ فَتَصَدَّعَ، قال تعالى : يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ
[الروم / ٤٣]، وعنه استعير :
صَدَعَ الأمرَ، أي : فَصَلَهُ، قال : فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ
[الحجر / ٩٤]، وكذا استعير منه الصُّدَاعُ، وهو شبه الاشتقاق في الرّأس من الوجع. قال : لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ
[الواقعة / ١٩]، ومنه الصَّدِيعُ للفجر «١»، وصَدَعْتُ الفلاة : قطعتها «٢»، وتَصَدَّعَ القومُ أي : تفرّقوا.
صدف
صَدَفَ عنه : أعرض إعراضا شديدا يجري مجرى الصَّدَفِ، أي : الميل في أرجل البعير، أو في الصّلابة كَصَدَفِ الجبل أي : جانبه، أو الصَّدَفِ الذي يخرج من البحر. قال تعالى :
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْها
[الأنعام / ١٥٧]، سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ...
الآية إلى بِما كانُوا يَصْدِفُونَ [الأنعام / ١٥٧] «٣».
صدق
الصِّدْقُ والكذب أصلهما في القول، ماضيا كان أو مستقبلا، وعدا كان أو غيره، ولا يكونان بالقصد الأوّل إلّا في القول، ولا يكونان في القول إلّا في الخبر دون غيره من أصناف الكلام، ولذلك قال : وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا
[النساء / ١٢٢]، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً [النساء / ٨٧]، وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ
[مريم / ٥٤]، وقد يكونان بالعرض في غيره من أنواع الكلام، كالاستفهام والأمر والدّعاء، وذلك نحو قول القائل : أزيد في الدّار؟ فإنّ في ضمنه إخبارا بكونه جاهلا بحال زيد، [و كذا إذا قال : واسني في ضمنه أنه محتاج إلى المواساة، وإذا قال : لا تؤذني ففي ضمنه أنه يؤذيه ] «٤». والصِّدْقُ : مطابقة القول الضّمير والمخبر عنه معا، ومتى انخرم شرط من ذلك لم يكن صِدْقاً تامّا، بل إمّا أن لا يوصف بالصّدق،
(١) انظر : المجمل ٢ / ٥٥٢، والبصائر ٣ / ٣٩٥، واللسان : صدع.
(٢) انظر : المجمل ٢ / ٥٥٢.
(٣) تمام الآية : فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْها، سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ.
(٤) ما بين [] نقله السمين في عمدة الحفاظ (صدق)، ثم قال : وفيه نظر من حيث التَّصْدِيقِ والتكذيب لم يرد على معنى الاستفهام، وما بعده إنما ورد على ما هو لازم، ولا كلام في ذلك، فلم يصح أن يقال : إنهما وردا على غير الخبر.