المفردات في غريب القرآن، ص : ٤٨٨
إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ
[البقرة / ١٥٨]، وذلك اسم لموضع مخصوص، والاصْطِفَاءُ : تناولُ صَفْوِ الشيءِ، كما أنّ الاختيار : تناول خيره، والاجتباء : تناول جبايته.
واصْطِفَاءُ اللّهِ بعضَ عباده قد يكون بإيجاده تعالى إيّاه صَافِياً عن الشّوب الموجود في غيره، وقد يكون باختياره وبحكمه وإن لم يتعرّ ذلك من الأوّل، قال تعالى : اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ
[الحج / ٧٥]، إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً
[آل عمران / ٣٣]، اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ
[آل عمران / ٤٢]، اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ
[الأعراف / ١٤٤]، وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ
[ص / ٤٧]، واصْطَفَيْتُ كذا على كذا، أي : اخترت. أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ [الصافات / ١٥٣]، وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى [النمل / ٥٩]، ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا
[فاطر / ٣٢]، والصَّفِيُّ والصَّفِيَّةُ : ما يَصْطَفِيهِ الرّئيسُ لنفسه، قال الشاعر :
٢٨٢ -
لك المرباع منها والصَّفَايَا
«١» وقد يقالان للناقة الكثيرة اللّبن، والنّخلة الكثيرة الحمل، وأَصْفَتِ الدّجاجةُ : إذا انقطع بيضها كأنها صَفَتْ منه، وأَصْفَى الشاعرُ : إذا انقطع شعره تشبيها بذلك، من قولهم : أَصْفَى الحافرُ : إذا بلغ صَفًا، أي : صخرا منعه من الحفر، كقولهم : أكدى وأحجر «٢»، والصَّفْوَانُ كالصَّفَا، الواحدةُ : صَفْوَانَةٌ، قال تعالى :
كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ
[البقرة / ٢٦٤]، ويقال : يوم صَفْوَانٌ : صَافِي الشّمسِ، شديد البرد.
صلل
أصل الصَّلْصَالِ : تردُّدُ الصّوتِ من الشيء اليابس، ومنه قيل : صَلَّ المسمارُ «٣»، وسمّي الطّين الجافّ صَلْصَالًا. قال تعالى : مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ
[الرحمن / ١٤]، مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ [الحجر / ٢٦]، والصُّلْصَلَةُ : بقيّةُ ماءٍ، سمّيت بذلك لحكاية
(١) هذا شطر بيت لعبد اللّه بن عنمة يخاطب بسطام بن قيس، وعجزه :
وحكمك والنشيطة والفضول
وهو في اللسان (صفا)، وأساس البلاغة (صفا)، والأصمعيات ص ٣٧.
ومطلع القصيدة :
لأمّ الأرض ويل ما أجنّت غداة أضرّ بالحسن السبيل
(٢) يقال : أكدى الحافر : إذا حفر فبلغ الكدا، وهي الصخور. اللسان (كدا). ومثله : أحجر.
(٣) قال في اللسان : وصلّ المسمار يصلّ صليلا : إذا ضرب فأكره أن يدخل في شيء. وفي التهذيب : أن يدخل في القتير فأنت تسمع له صوتا. انظر : اللسان (صلل).