المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٣٢
منهم، ومن الشيء : القطعة منه، وقوله تعالى :
فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ
[التوبة / ١٢٢]، قال بعضهم : قد يقع ذلك على واحد فصاعدا «١»، وعلى ذلك قوله :
وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
[الحجرات / ٩]، إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ [آل عمران / ١٢٢]، والطَّائِفَةُ إذا أريد بها الجمع فجمع طَائِفٍ، وإذا أريد بها الواحد فيصحّ أن يكون جمعا، ويكنى به عن الواحد، ويصحّ أن يجعل كراوية وعلامة ونحو ذلك. والطُّوفَانُ : كلُّ حادثة تحيط بالإنسان، وعلى ذلك قوله : فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ
[الأعراف / ١٣٣]، وصار متعارفا في الماء المتناهي في الكثرة لأجل أنّ الحادثة التي نالت قوم نوح كانت ماء. قال تعالى : فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ [العنكبوت / ١٤]، وطَائِفُ القوسِ : ما يلي أبهرها «٢»، والطَّوْفُ كُنِيَ به عن العَذْرَةِ.
طوق
أصل الطَّوْقِ : ما يجعل في العنق، خلقة كَطَوْقِ الحمامِ، أو صنعة كطَوْقِ الذّهب والفضّة، ويتوسّع فيه فيقال : طَوَّقْتُهُ كذا، كقولك : قلّدته.
قال تعالى : سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ
[آل عمران / ١٨٠]، وذلك على التشبيه، كما روي في الخبر «يأتي أحدكم يوم القيامة شجاع أقرع له زبيبتان فَيَتَطَوَّقُ به فيقول أنا الزّكاة التي منعتني» «٣»، وَالطَّاقَةُ : اسمٌ لمقدار ما يمكن للإنسان أن يفعله بمشقّة، وذلك تشبيه بالطَّوْقِ المحيطِ بالشيء، فقوله : وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ
[البقرة / ٢٨٦]، أي : ما يصعب علينا مزاولته، وليس معناه : لا تحمّلنا ما لا قدرة لنا «٤» به، وذلك لأنه تعالى قد يحمّل الإنسان ما يصعب عليه كما قال : وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ
(١) وهذا مروي عن ابن عباس وغيره، فقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله تعالى :
وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ سورة النور : آية ٢.
قال : الطائفة : الرجل فما فوقه.
وعن مجاهد قال : الطائفة : واحد إلى الألف. انظر : الدر المنثور ٦ / ١٢٦، واللسان (طوف).
(٢) قال الأصمعي : الأبهر من القوس كبدها، وهو ما بين طرفي العلاقة. انظر : اللسان (بهر).
(٣) الحديث ذكره المؤلف بمعناه، فقد جاء عن أبي هريرة أنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :«من آتاه اللّه مالا فلم يؤدّ زكاته مثّل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوّقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - ثم يقول : أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا : لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ... الآية، سورة آل عمران : آية ١٨٠. أخرجه البخاري ٣ / ٢١٤ في الزكاة.
(٤) وهذا مروي عن الضحاك كما أخرجه عنه ابن جرير في الآية قال : لا تحمّلنا من الأعمال ما لا نطيق. انظر : الدر المنثور ٢ / ١٣٦. [.....]