المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٣٦
فيسجد للّه، وأمّا أنت فتكفر به «١»، وظِلٌّ ظَلِيلٌ :
فائض، وقوله : وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا
[النساء / ٥٧]، كناية عن غضارة العيش، وَالظُّلَّةُ : سحابةٌ تُظِلُّ، وأكثر ما يقال فيما يستوخم ويكره. قال تعالى : كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ
[الأعراف / ١٧١]، عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ
[الشعراء / ١٨٩]، أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ
[البقرة / ٢١٠]، أي : عذابه يأتيهم، والظُّلَلُ : جمعُ ظُلَّةٍ، كغُرْفَةٍ وغُرَفٍ، وقُرْبَةٍ وقُرَبٍ، وقرئ :(في ظِلَالٍ) «٢» وذلك إمّا جمع ظُلَّةٍ نحو : غُلْبَةٍ وغِلَابٍ، وحُفْرَةٍ وحِفَارٍ، وإمّا جمعُ ظِلّ نحو : يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ
[النحل / ٤٨]، وقال بعض أهل اللّغة : يقال للشّاخص ظِلٌّ. قال : ويدلّ على ذلك قول الشاعر :
٣٠٥ -
لمّا نزلنا رفعنا ظِلَّ أخبيةٍ
«٣» وقال : ليس ينصبون الظِّلَّ الذي هو الفيء إنّما ينصبون الأخبية، وقال آخر :
٣٠٦ -
يتبع أفياء الظِّلَالِ عشيّة
«٤» أي : أفياء الشّخوص، وليس في هذا دلالة فإنّ قوله :(رفعنا ظِلَّ أخبيةٍ)، معناه : رفعنا الأخبية فرفعنا به ظِلَّهَا، فكأنّه رفع الظِّلَّ. وقوله :
أفياءُ الظِّلَالِ فَالظِّلَالُ عامٌّ والفيءُ خاصّ، وقوله :(أفياءُ الظِّلَالِ)، هو من إضافة الشيء إلى جنسه. والظُّلَّةُ أيضا : شيءٌ كهيئة الصُّفَّة، وعليه حمل قوله تعالى : وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ
[لقمان / ٣٢]، أي : كقطع السّحاب. وقوله تعالى : لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ
[الزمر / ١٦]، وقد يقال : ظِلٌّ لكلّ ساتر محمودا كان أو مذموما، فمن المحمود قوله : وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ
[فاطر / ٢١]، وقوله : وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها
[الإنسان / ١٤]، ومن المذموم قوله : وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ
[الواقعة / ٤٣]، وقوله : إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ
[المرسلات / ٣٠]، الظِّلُّ هاهنا كالظُّلَّةِ لقوله : ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ
[الزمر / ١٦]، وقوله : لا ظَلِيلٍ
[المرسلات / ٣١]، لا يفيد فائدة الظِّلِّ في كونه واقيا عن الحرّ، وروي :«أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم كان إذا
(١) انظر : الدر المنثور ٤ / ٦٣٠.
(٢) وهي قراءة شاذة، قرأ بها قتادة وأبيّ بن كعب وابن مسعود. انظر : إعراب القرآن للنحاس، والبحر المحيط ٢ / ١٢٥.
(٣) هذا شطر بيت لعبدة بن الطيب، وعجزه :
وفار باللحم للقوم المراجيل وهو في المفضليات ص ١٤١، وشرح المفضليات للتبريزي ٢ / ٦٧١.
المعنى : رفعنا الأخبية فتظللنا بها.
(٤) الشطر في عمدة الحفاظ (ظلل) دون نسبة.