المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٤٧
عجب
العَجَبُ والتَّعَجُّبُ : حالةٌ تعرض للإنسان عند الجهل بسبب الشيء، ولهذا قال بعض الحكماء :
العَجَبُ ما لا يُعرف سببه، ولهذا قيل : لا يصحّ على اللّه التَّعَجُّبُ، إذ هو علّام الغيوب لا تخفى عليه خافية. يقال : عَجِبْتُ عَجَباً، ويقال للشيء الذي يُتَعَجَّبُ منه : عَجَبٌ، ولما لم يعهد مثله عَجِيبٌ.
قال تعالى : أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا
[يونس / ٢]، تنبيها أنهم قد عهدوا مثل ذلك قبله، وقوله : بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ
[ق / ٢]، وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ
[الرعد / ٥]، كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً
[الكهف / ٩]، أي : ليس ذلك في نهاية العَجَبِ بل في أمورنا أعظم وأَعْجَبُ منه. قُرْآناً عَجَباً
[الجن / ١]، أي : لم يعهد مثله، ولم يعرف سببه. ويستعار مرّة للمونق فيقال : أَعْجَبَنِي كذا أي : راقني. قال تعالى : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ
[البقرة / ٢٠٤]، وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ
[التوبة / ٨٥]، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ
[التوبة / ٢٥]، أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ
[الحديد / ٢٠]، وقال : بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ
[الصافات / ١٢]، أي : عَجِبْتَ من إنكارهم للبعث لشدّة تحقّقك معرفته، ويسخرون لجهلهم. وقيل : عَجِبْتَ من إنكارهم الوحيَ، وقرأ بعضهم : بَلْ عَجِبْتَ
«١» بضمّ التاء، وليس ذلك إضافة المُتَعَجِّبِ إلى نفسه في الحقيقة بل معناه : أنه ممّا يقال عنده : عَجِبْتُ، أو يكون عَجِبْتُ مستعارا بمعنى أنكرت، نحو :
أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ
[هود / ٧٣]، إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ
[ص / ٥]، ويقال لمن يروقه نفسه : فلانٌ مُعْجبٌ بنفسه، والعَجْبُ من كلّ دابّة : ما ضَمرَ وَرِكُهُ.
عجز
عَجُزُ الإنسانِ : مُؤَخَّرُهُ، وبه شُبِّهَ مُؤَخَّرُ غيرِهِ.
قال تعالى : كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ
[القمر / ٢٠]، والعَجْزُ أصلُهُ التَّأَخُّرُ عن الشيء، وحصوله عند عَجُزِ الأمرِ، أي : مؤخّره، كما ذكر في الدّبر، وصار في التّعارف اسما للقصور عن فعل الشيء، وهو ضدّ القدرة. قال تعالى :
أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ
[المائدة / ٣١]، وأَعْجَزْتُ فلاناً وعَجَّزْتُهُ وعَاجَزْتُهُ : جعلته عَاجِزاً. قال : وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ
[التوبة / ٢]، وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ
[الشورى / ٣١]، وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ
[الحج / ٥١]، وقرئ : معجزين «٢» فَمُعَاجِزِينَ قيل : معناه ظانّين ومقدّرين أنهم يُعْجِزُونَنَا، لأنهم
(١) وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف. انظر : إرشاد المبتدي ص ٥٢١.
(٢) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو بن العلاء. انظر : إرشاد المبتدي ص ٤٥٠.