المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٤٨
حسبوا أن لا بعث ولا نشور فيكون ثواب وعقاب، وهذا في المعنى كقوله : أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا [العنكبوت / ٤]، و«مُعَجِّزِينَ» : يَنسُبُون إلى العَجْزِ مَن تَبِعَ النبيَّ صلّى اللّه عليه وسلم، وذلك نحو : جهّلته وفسّقته، أي : نسبته إلى ذلك. وقيل معناه :
مثبّطين، أي : يثبّطون الناس عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم «١»، كقوله : الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأعراف / ٤٥]، وَالعَجُوزُ سمّيت لِعَجْزِهَا في كثير من الأمور. قال تعالى : إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ
[الصافات / ١٣٥]، وقال : أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ
[هود / ٧٢].
عجف
قال تعالى : سَبْعٌ عِجافٌ
[يوسف / ٤٣]، جمعُ أَعْجَفَ، وعَجْفَاءَ، أي : الدّقيق من الهُزال، من قولهم : نصلٌ أَعْجَفُ : دقيق، وأَعْجَفَ الرّجلُ : صارت مواشيه عِجَافاً، وعَجَفَتْ نفسي عن الطّعام، وعن فلان أي : نبت عنهما.
عجل
العَجَلَةُ : طلب الشيء وتحرّيه قبل أوانه، وهو من مقتضى الشّهوة، فلذلك صارت مذمومة في عامّة القرآن حتى قيل :«العَجَلَةُ من الشّيطان» «٢». قال تعالى : سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ
[الأنبياء / ٣٧]، وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ
[طه / ١١٤]، وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ
[طه / ٨٣]، وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ
[طه / ٨٤]، فذكر أنّ عَجَلَتَهُ - وإن كانت مذمومة - فالذي دعا إليها أمر محمود، وهو طلب رضا اللّه تعالى. قال تعالى : أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ
[النحل / ١]، وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ
[الرعد / ٦]، لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ [النمل / ٤٦]، وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ [الحج / ٤٧]، وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ
[يونس / ١١]، خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ
[الأنبياء / ٣٧]، قال بعضهم : من حمإ «٣»، وليس بشيء بل تنبيه على أنه لا يتعرّى من ذلك، وأنّ ذلك
(١) انظر : الكشف عن وجوه القراءات ٢ / ١٢٣.
(٢) عن أنس بن مالك عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال :«التأني من اللّه، والعجلة من الشيطان، وما أحد أكثر معاذير من اللّه، وما من شيء أحبّ إلى اللّه من الحمد». أخرجه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه الترمذي بلفظ :«الأناة من اللّه، والعجلة من الشيطان» وقال : حسن غريب. انظر : عارضة الأحوذي ٨ / ١٧٢، ومجمع الزوائد ٨ / ٢٢، وكشف الخفاء ١ / ١٩٥.
(٣) قال اليزيدي : روي عن ابن عباس أنه قال : العجل : الطين، وأنشدوا هذا البيت :
النبع في الصخرة الصماء منبته والنخل منبته في السهل والعجل
انظر : غريب القرآن وتفسيره ص ٢٥٤.