المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٥٥
العَذَابِ. قال : لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً
[النمل / ٢١]، وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
[الأنفال / ٣٣]، أي : ما كان يُعَذِّبُهُمْ عَذَابَ الاستئصالِ، وقوله : وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ [الأنفال / ٣٤]، لا يُعَذِّبُهُمْ بالسّيف، وقال :
وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ
[الإسراء / ١٥]، وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ
[الشعراء / ١٣٨]، وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ
[الصافات / ٩]، وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [البقرة / ١٠]، وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ
[الحجر / ٥٠]، واختلف في أصله، فقال بعضهم : هو من قولهم : عَذَبَ الرّجلُ : إذا ترك المأكل والنّوم «١»، فهو عَاذِبٌ وعَذُوبٌ، فَالتَّعْذِيبُ في الأصل هو حمل الإنسان أن يُعَذَّبَ، أي : يجوع ويسهر، وقيل : أصله من العَذْبِ، فَعَذَّبْتُهُ أي : أزلت عَذْبَ حياته على بناء مرّضته وقذّيته، وقيل : أصل التَّعْذِيبِ إكثارُ الضّرب بِعَذَبَةِ السّوطِ، أي : طرفها، وقد قال بعض أهل اللّغة : التَّعْذِيبُ هو الضّربُ، وقيل :
هو من قولهم : ماءٌ عَذَبٌ إذا كان فيه قذى وكدر، فيكون عَذَّبْتُهُ كقولك : كدّرت عيشه، وزلّقت حياته، وعَذَبَةُ السّوطِ واللّسانِ والشجرِ : أطرافُها.
عذر
العُذْرُ : تحرّي الإنسان ما يمحو به ذنوبه.
ويقال : عُذْرٌ وعُذُرٌ، وذلك على ثلاثة أضرب :
إمّا أن يقول : لم أفعل، أو يقول : فعلت لأجل كذا، فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا، أو يقول : فعلت ولا أعود، ونحو ذلك من المقال. وهذا الثالث هو التّوبة، فكلّ توبة عُذْرٌ وليس كلُّ عُذْرٍ توبةً، واعْتذَرْتُ إليه : أتيت بِعُذْرٍ، وعَذَرْتُهُ :
قَبِلْتُ عُذْرَهُ. قال تعالى : يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا
[التوبة / ٩٤]، والمُعْذِرُ : من يرى أنّ له عُذْراً ولا عُذْرَ له. قال تعالى : وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ
[التوبة / ٩٠]، وقرئ (المُعْذِرُونَ) «٢» أي : الذين يأتون بالعُذْرِ. قال ابن عباس : لعن اللّه المُعَذِّرِينَ ورحم المُعَذِّرِينَ «٣»، وقوله : قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ
[الأعراف / ١٦٤]، فهو مصدر عَذَرْتُ، كأنه قيل : أطلب منه أن يَعْذُرَنِي، وأَعْذَرَ : أتى بما صار به مَعْذُوراً، وقيل : أَعْذَرَ من أنذر «٤» : أتى بما صار به مَعْذُوراً، قال بعضهم : أصل العُذْرِ من العَذِرَةِ وهو الشيء النجس «٥»، ومنه سمّي القُلْفَةُ
(١) وهذا قول الأزهري، فإنه قال : القول في العذوب والعاذب أنه الذي لا يأكل ولا يشرب. انظر : اللسان (عذب).
(٢) وبها قرأ يعقوب الحضرمي. انظر : إرشاد المبتدي ص ٣٥٥.
(٣) انظر : الدر المنثور ٤ / ٢٦٠، والأضداد لابن الأنباري ص ٣٢١، واللسان (عذر). قال ابن الأنباري : كأنّ المعذر عنده الذي يأتي بمحض العذر، والمعذّر : المقصر، وانظر عمدة الحفاظ : عذر.
(٤) انظر : الأضداد ص ٣٢١، والبصائر ٤ / ٣٦.
(٥) راجع : اللسان مادة (عذر).