المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٥٩
كذلك» «١» وقوله تعالى : وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ [هود / ٧]، تنبيه أنّ العَرْشَ لم يزل منذ أوجد مستعليا على الماء، وقوله : ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ [البروج / ١٥]، رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ [غافر / ١٥]، وما يجري مجراه قيل :
هو إشارة إلى مملكته وسلطانه لا إلى مقرّ له يتعالى عن ذلك.
عرض
العَرْضُ : خلافُ الطّولِ، وأصله أن يقال في الأجسام، ثمّ يستعمل في غيرها كما قال :
فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ
[فصلت / ٥١].
والعُرْضُ خصّ بالجانب، وأَعْرَضَ الشيءُ : بدا عُرْضُهُ، وعَرَضْتُ العودَ على الإناء، واعْتَرَضَ الشيءُ في حلقه : وقف فيه بِالْعَرْضِ، واعْتَرَضَ الفرسُ في مشيه، وفيه عُرْضِيَّةٌ. أي : اعْتِرَاضٌ في مشيه من الصّعوبة، وعَرَضْتُ الشيءَ على البيع، وعلى فلان، ولفلان نحو : ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ
[البقرة / ٣١]، عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا
[الكهف / ٤٨]، إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ
[الأحزاب / ٧٢]، وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً
[الكهف / ١٠٠]، وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ
[الأحقاف / ٢٠]. وعَرَضْتُ الجندَ، والعَارِضُ :
البادي عَرْضُهُ، فتارةً يُخَصُّ بالسّحاب نحو :
هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا
[الأحقاف / ٢٤]، وبما يَعْرِضُ من السَّقَمِ، فيقال : به عَارِضٌ من سُقْمٍ، وتارة بالخدِّ نحو : أَخَذَ من عَارِضَيْهِ، وتارة بالسِّنِّ، ومنه قيل : العَوَارِضُ للثّنايا التي تظهر عند الضّحك، وقيل : فلانٌ شديدُ العَارِضَةِ «٢» كناية عن جودة البيان، وبعيرٌ عَرُوضٌ : يأكل الشّوك بِعَارِضَيْهِ، والعُرْضَةُ : ما يُجْعَلُ مُعَرَّضاً للشيء. قال تعالى : وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ
[البقرة / ٢٢٤]، وبعيرٌ عُرْضَةٌ للسّفر. أي : يجعل مُعَرَّضاً له، وأَعْرَضَ : أظهر عَرْضَهُ. أي : ناحيته. فإذا قيل : أَعْرَضَ لي كذا.
أي : بَدَا عَرْضُهُ فأمكن تناولُهُ، وإذا قيل : أَعْرَضَ عنّي، فمعناه : ولّى مُبديا عَرْضَهُ. قال : ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها [السجدة / ٢٢]، فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ
[النساء / ٦٣]، وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ
[الأعراف / ١٩٩]، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي [طه / ١٢٤]، وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ
[الأنبياء / ٣٢]، وربما حذف عنه استغناء عنه نحو : إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ [النور / ٤٨]، ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ
(١) الحديث عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول اللّه أيما أنزل عليك أعظم؟ قال :«آية الكرسي»، ثم قال :«يا أبا ذر ما السموات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة». أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص ٥١١، وابن أبي شيبة في كتاب العرش ص ٧٧. وهو ضعيف.
(٢) انظر : البصائر ٤ / ٤٤. ومنه سمّى ابن العربي شرحه للترمذي : عارضة الأحوذي.