المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٦١
إلى مفعول واحد، لمّا كان مَعْرِفَةُ البشرِ للّه هي بتدبّر آثاره دون إدراك ذاته، ويقال : اللّه يعلم كذا، ولا يقال : يَعْرِفُ كذا، لمّا كانت المَعْرِفَةُ تستعمل في العلم القاصر المتوصّل به بتفكّر، وأصله من : عَرَفْتُ. أي : أصبت عَرْفَهُ. أي :
رائحتَهُ، أو من أصبت عَرْفَهُ. أي : خدّه، يقال :
عَرَفْتُ كذا. قال تعالى : فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا
[البقرة / ٨٩]، فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ
[يوسف / ٥٨]، فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ
[محمد / ٣٠]، يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ
[البقرة / ١٤٦]. ويضادّ المَعْرِفَةُ الإنكار، والعلم الجهل. قال : يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها [النحل / ٨٣]، والعَارِفُ في تَعَارُفِ قومٍ :
هو المختصّ بمعرفة اللّه، ومعرفة ملكوته، وحسن معاملته تعالى، يقال : عَرَّفَهُ كذا. قال تعالى :
عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ
[التحريم / ٣]، وتَعَارَفُوا : عَرَفَ بعضهم بعضا. قال :
لِتَعارَفُوا
[الحجرات / ١٣]، وقال :
يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ
[يونس / ٤٥]، وعَرَّفَهُ :
جعل له عَرْفاً. أي : ريحا طيّبا. قال في الجنّة :
عَرَّفَها لَهُمْ
[محمد / ٦]، أي : طيّبها وزيّنها «١» لهم، وقيل : عَرَّفَهَا لهم بأن وصفها لهم، وشوّقهم إليها وهداهم. وقوله : فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ
[البقرة / ١٩٨]، فاسم لبقعة مخصوصة، وقيل : سمّيت بذلك لوقوع المعرفة فيها بين آدم وحوّاء «٢»، وقيل : بل لِتَعَرُّفِ العباد إلى اللّه تعالى بالعبادات والأدعية. والمَعْرُوفُ :
اسمٌ لكلّ فعل يُعْرَفُ بالعقل أو الشّرع حسنه، والمنكر : ما ينكر بهما. قال : يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران / ١٠٤]، وقال تعالى : وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ
[لقمان / ١٧]، وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً
[الأحزاب / ٣٢]، ولهذا قيل للاقتصاد في الجود :
مَعْرُوفٌ، لمّا كان ذلك مستحسنا في العقول وبالشّرع. نحو : وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ [النساء / ٦]، إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ [النساء / ١١٤]، وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ
[البقرة / ٢٤١]، أي :
بالاقتصاد والإحسان، وقوله : فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [الطلاق / ٢]، وقوله : قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ
[البقرة / ٢٦٣]، أي : ردّ بالجميل ودعاء خير من صدقة كذلك، والعُرْفُ : المَعْرُوفُ من الإحسان، وقال : وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
[الأعراف / ١٩٩]. وعُرْفُ الفرسِ والدّيك مَعْرُوفٌ، وجاء القطا عُرْفاً. أي : متتابعة. قال
(١) انظر وضح البرهان بتحقيقنا ٢ / ٢٣٥.
(٢) وهذا قول الضحاك : انظر : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ١ / ٣٠٦.