المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٦٣
بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ [هود / ٥٤]. والعُرْوَةُ : ما يتعلّق به من عُرَاهُ. أي : ناحيته. قال تعالى : فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى
[البقرة / ٢٥٦]، وذلك على سبيل التّمثيل.
والعُرْوَةُ أيضا : شجرةٌ يتعلّق بها الإبل، ويقال لها : عُرْوَةٌ وعَلْقَةٌ. والعَرِيُّ والعَرِيَّةُ : ما يَعْرُو من الرّيح الباردة، والنّخلةُ العَرِيَّةُ : ما يُعْرَى عن البيع ويعزل، وقيل : هي التي يُعْرِيهَا صاحبها محتاجا، فجعل ثمرتها له ورخّص أن يبتاع بتمر «١» لموضع الحاجة، وقيل : هي النّخلة للرّجل وسط نخيل كثيرة لغيره، فيتأذّى به صاحب الكثير «٢»، فرخّص له أن يبتاع ثمرته بتمر، والجميع العَرَايَا. «ورخّص رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في بيع العَرَايَا» «٣».
عز
العِزَّةُ : حالةٌ مانعة للإنسان من أن يغلب. من قولهم : أرضٌ عَزَازٌ. أي : صُلْبةٌ. قال تعالى :
أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً
[النساء / ١٣٩]. وتَعَزَّزَ اللّحمُ : اشتدّ وعَزَّ، كأنه حصل في عَزَازٍ يصعب الوصول إليه، كقولهم : تظلّف أي : حصل في ظلف من الأرض «٤»، وَالعَزيزُ : الذي يقهر ولا يقهر. قال تعالى : إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [العنكبوت / ٢٦]، يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا [يوسف / ٨٨]، قال :
وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون / ٨]، سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ [الصافات / ١٨٠]، فقد يمدح بالعِزَّةِ تارة كما ترى، ويذمّ بها تارة كَعِزَّةِ الكفّارِ. قال : بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ
[ص / ٢]. ووجه ذلك أن العِزَّةَ التي للّه ولرسوله وللمؤمنين هي الدائمة الباقية التي هي العِزَّةُ الحقيقيّة، والعِزَّةُ التي هي للكافرين هي التَّعَزُّزُ، وهو في الحقيقة ذلّ كما قال عليه الصلاة والسلام :«كلّ عِزٍّ ليس باللّه فهو ذُلٌّ» «٥» وعلى هذا قوله : وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا
[مريم / ٨١]، أي :
ليتمنّعوا به من العذاب، وقوله : مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً [فاطر / ١٠]، معناه :
من كان يريد أن يَعِزَّ يحتاج أن يكتسب منه تعالى العِزَّةَ فإنها له، وقد تستعار العِزَّةُ للحميّة والأنفة المذمومة، وذلك في قوله : أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ
(١) راجع شرح الموطأ للزرقاني ٣ / ٢٦٢، وفتح الباري ٤ / ٣٩٠.
(٢) وهو قول الإمام مالك.
(٣) الحديث عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أرخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق.
أخرجه مالك في الموطأ ٣ / ٢٦٣. وعند البخاري عن زيد بن ثابت أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : رخّص في بيع العرايا أن تباع بخرصها كيلا. انظر : فتح الباري ٤ / ٣٩٠.
(٤) الظّلف والظّلف من الأرض : الغليظ الذي لا يؤدي أثرا. انظر : اللسان (ظلف).
(٥) جاء بمعناه عن عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول : من اعتزّ بالعبد أذلّه اللّه.
أخرجه أحمد في الزهد ص ٤٦٦، بسند ضعيف.