المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٧٤
عفا
العَفْوُ : القصد لتناول الشيء، يقال : عَفَاه واعتفاه، أي : قصده متناولا ما عنده، وعَفَتِ الرّيحُ الدّار : قصدتها متناولة آثارها، وبهذا النّظر قال الشاعر :
٣٢٣ -
أخذ البلى أبلادها
«١» وعَفَتِ الدّار : كأنها قصدت هي البلى، وعَفَا النبت والشجر : قصد تناول الزيادة، كقولك :
أخذ النبت في الزّيادة، وعَفَوْتُ عنه : قصدت إزالة ذنبه صارفا عنه، فالمفعول في الحقيقة متروك، و«عن» متعلّق بمضمر، فالعَفْوُ : هو التّجافي عن الذّنب. قال تعالى : فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ
[الشورى / ٤٠]، وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى [البقرة / ٢٣٧]، ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ [البقرة / ٥٢]، إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ [التوبة / ٦٦]، فَاعْفُ عَنْهُمْ [آل عمران / ١٥٩]، وقوله : خُذِ الْعَفْوَ
[الأعراف / ١٩٩]، أي :
ما يسهل قصده وتناوله، وقيل معناه : تعاط العفو عن الناس، وقوله : وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ [البقرة / ٢١٩]، أي : ما يسهل إنفاقه. وقولهم : أعطى عفوا، فعفوا مصدر في موضع الحال، أي : أعطى وحاله حال العافي، أي : القاصد للتّناول إشارة إلى المعنى الذي عدّ بديعا، وهو قول الشاعر :
٣٢٤ -
كأنّك تعطيه الذي أنت سائله
«٢» وقولهم في الدّعاء :«أسألك العفو والعافية» «٣» أي : ترك العقوبة والسّلامة، وقال في وصفه تعالى : إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً
[النساء / ٤٣]، وقوله :«وما أكلت العافية فصدقة» «٤» أي :
طلّاب الرّزق من طير ووحش وإنسان، وأعفيت كذا، أي : تركته يعفو ويكثر، ومنه قيل :«أعفوا اللّحى» «٥» والعَفَاء : ما كثر من الوبر والرّيش،

_
(١) عجز بيت لعدي بن الرقاع العاملي في ديوانه ص ٤٩، وتمامه :
[عرف الديار توهّما فاعتادها من بعد ما أخذ البلى أبلادها
] وهو في تفسير الراغب ورقة ٥٢.
(٢) العجز لزهير بن أبي سلمى من قصيدة يمدح بها حصن بن حذيفة بن بدر، وشطره :
تراه إذا ما جئته متهلّلا
وهو في ديوانه ص ٦٨.
(٣) عن ابن عباس قال : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول :«اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي» أخرجه البزار وفيه يونس بن خباب، وهو ضعيف.
وعن معاذ بن جبل قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :«ما من دعوة أحبّ إلى اللّه أن يدعو بها عبد من أن يقول : اللهم إني أسألك المعافاة والعافية في الدنيا والآخرة». أخرجه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، لكن العلاء بن زياد لم يسمع من معاذ. انظر : مجمع الزوائد ١٠ / ١٧٨.
(٤) الحديث أخرجه أحمد ٣ / ٣٣٨، وقد تقدم في مادة (صدق). [.....]
(٥) الحديث عن ابن عمر قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :«أعفوا اللحى وحفّوا الشوارب». أخرجه أحمد ٢ / ٥٢، ورجاله ثقات.


الصفحة التالية
Icon