المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٨٢
في الدّلالة على صانعه، ولهذا أحالنا تعالى عليه في معرفة وحدانيّته، فقال : أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الأعراف / ١٨٥]، وأمّا جمعه فلأنّ من كلّ نوع من هذه قد يسمّى عالما، فيقال : عالم الإنسان، وعالم الماء، وعالم النّار، وأيضا قد روي :(إنّ للّه بضعة عشر ألف عالم) «١»، وأمّا جمعه جمع السّلامة فلكون النّاس في جملتهم، والإنسان إذا شارك غيره في اللّفظ غلب حكمه، وقيل : إنما جمع هذا الجمع لأنه عني به أصناف الخلائق من الملائكة والجنّ والإنس دون غيرها. وقد روي هذا عن ابن عبّاس «٢». وقال جعفر بن محمد : عني به النّاس وجعل كلّ واحد منهم عالما «٣»، وقال «٤» : العَالَمُ عالمان الكبير وهو الفلك بما فيه، والصّغير وهو الإنسان لأنه مخلوق على هيئة العالم، وقد أوجد اللّه تعالى فيه كلّ ما هو موجود في العالم الكبير، قال تعالى : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
[الفاتحة / ١]، وقوله تعالى :
وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ [البقرة / ٤٧]، قيل : أراد عالمي زمانهم. وقيل : أراد فضلاء زمانهم الذين يجري كلّ واحد منهم مجرى كلّ عالم لما أعطاهم ومكّنهم منه، وتسميتهم بذلك كتسمية إبراهيم عليه السلام بأمّة في قوله : إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً [النحل / ١٢٠]، وقوله : أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ [الحجر / ٧٠].
علن
العَلَانِيَةُ : ضدّ السّرّ، وأكثر ما يقال ذلك في المعاني دون الأعيان، يقال : عَلَنَ كذا، وأَعْلَنْتُهُ أنا. قال تعالى : أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً
[نوح / ٩]، أي : سرّا وعلانية. وقال :
ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ
[القصص / ٦٩]. وعِلْوَانُ الكتابِ يصحّ أن يكون من : عَلَنَ اعتبارا بظهور المعنى الذي فيه لا بظهور ذاته.
علا
العُلْوُ : ضدّ السُّفْل، والعُلْوِيُّ والسُّفْليُّ المنسوب إليهما، والعُلُوُّ : الارتفاعُ، وقد عَلَا يَعْلُو عُلُوّاً وهو عَالٍ «٥»، وعَلِيَ يَعْلَى عَلَاءً فهو عَلِيٌّ «٦»، فَعَلَا
(١) أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله تعالى : رَبِّ الْعالَمِينَ قال : الإنس عالم، والجن عالم، وما سوى ذلك ثمانية عشر ألف عالم من الملائكة.
وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن وهب قال : إنّ للّه عزّ وجل ثمانية عشر ألف عالم. الدنيا منها عالم واحد. انظر : الدر المنثور ١ / ٣٤.
(٢) انظر : البصائر ٤ / ٩٥، والدر المنثور ١ / ٣٤.
(٣) انظر : البصائر ٤ / ٩٥.
(٤) انظر تفصيل النشأتين ص ٧٨.
(٥) راجع : الأفعال للسرقسطي ١ / ٢٠٤.
(٦) راجع : الأفعال للسرقسطي ١ / ٢٥٢.